5 دقائق

سيناريو موت الصحافة الورقية

عبدالله القمزي

في كل اجتماع تحرير بكل صحيفة في العالم، يناقش سيناريو موت الصحافة الورقية نتيجة انتقال الكثير من القراء إلى الصيغة الإلكترونية، الموضوع طويل ومتشعب ولايزال قيد الكثير جداً من الدراسات، لكن هدفنا من طرح الموضوع ليس أبداً التقليل من شأن الصيغة الإلكترونية، بل هو النظر إلى الصيغة الورقية من زاوية أخرى نتجاهلها.

في كل صحيفة هناك منتجان: الورقي التقليدي (الكلاسيكي) والإلكتروني. نقطة قوة الأول تتركز في سهولة التصفح، والوصول إلى الموضوعات بسلاسة بسبب التصميم الفني، بينما ذلك لا يتوافر بالطريقة نفسها في الصيغة الإلكترونية التي تبدو كصفحة واحدة على المستخدم أحياناً أن يجتهد لمعرفة طريقه فيها.

القارئ يتذكر أين توقف في أي موضوع في النموذج الورقي بسبب توزيع النص على شكل أعمدة، حيث تتوافر حرية الحركة في الاتجاهات الأربعة، بينما في الإلكتروني طريقة العرض عمودية فقط، وهي لا تساعد على التذكر بسهولة، وبسبب ذلك تعمد مواقع عدة إلى تقليل النص واختصار العناوين، ما يؤثر حتماً في جودة المنتج.

نقطتا قوة الصيغة الإلكترونية هما الملاءمة وسهولة النفاذ، أي إننا نستطيع الوصول إلى الخبر بسهولة بالغة عن طريق محرك البحث «غوغل» وفي أي وقت، والثانية إمكانية تحديث أو تغيير الموضوع وقت ما نشاء.

الصيغة الإلكترونية تعرّف اقتصادياً بأنها منتج آخر جذاب إلى جانب المنتج الأصلي ذي الجودة الأعلى، وعليه يعتبر الإلكتروني ذا جودة أقل من الورقي لأسباب عدة نذكر منها سببين:

الأول: جسدي، حيث تعتبر تجربة قراءة الصحيفة من الموقع الإلكتروني بوساطة كمبيوتر مرهقة جسدياً، حيث يقترب الجسم من الجهاز، ومتعبة للعينين. أشارت دراسة أميركية أجريت عام 2010 إلى أن 50 - 90% من الكبار العاملين يعانون مشكلات في عيونهم جراء الجلوس لوقت طويل أمام الكمبيوتر، والعينة نفسها أشارت إلى أن تجربة القراءة من كتاب أو صحيفة ورقية هي الأفضل والأكثر راحة، بينما القراءة من كمبيوتر المنزل غير مستحبة، لأنه يذكرهم بوظائفهم المكتبية.

دراسة أخرى عام 1997 كشفت أن قارئ الصحيفة الورقية غالباً يقرأ كلمة كلمة ويبقى في الصفحة الواحدة أكثر من خمس دقائق، بينما قارئ الموقع يفوت الأسطر، ومعدل بقائه في الموقع إجمالاً وليس الصفحة أربع دقائق، وهو ما استدعى لاحقاً اختصار النص.

الثاني: سبب نفسي، حيث إننا كعاملين في الصحف أو كقراء، نناقض أنفسنا عندما نقول إن الصيغة الإلكترونية هي المستقبل وإن الورقية تموت، لكن عند احتجاب أي صحيفة ورقية نتحدث عن قرار الاحتجاب بخيبة أمل ونستصغر اكتفاء الصحيفة بنسخة إلكترونية، وهذا يدل على تفضيلنا واحترامنا التلقائي للصيغة الورقية أكثر من الإلكترونية.

ختاماً: في دراسة أجريت أعوام 1997 و1998 و2002 و2010، سئلت عينات عشوائية من الناس في أميركا وهونغ كونغ عن الصيغة المفضلة لديها، ورقية أم إلكترونية، لو كانت الصيغتان توفران الأخبار نفسها وبالسعر نفسه، النتيجة أن 70% من الناس فضلت الصيغة الورقية.. وللحديث بقية.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر