مزاح.. ورماح

«كت..!!»

عبدالله الشويخ

بهذه الصرخة السخيفة كان المخرج يقول لنا ما معناه أن علينا إعادة المشهد كله.. وإذا كنتَ قد عَملت في الإعلام والإنتاج فأنت تعلم حتماً بأنها أسوأ جملة يمكنك أن تسمعها، أما إذا لم تكن في هذا المجال فدعني أحاول تقريب الصورة لك.

أنت تقود سيارتك بجنون لكي تصل إلى المحطة قبل أن «تقطعك»، وبسبب تلك السرعة فأنت تتجاوز عدداً لا بأس به من إشارات المرور، وترى عدداً آخر من «فلاشات» الإعجاب من تلك الصناديق الرمادية الكئيبة.. لكنك تفعلها، وتصل إلى المحطة، وحين توقف سيارتك في المكان المخصص تنطفئ، لأنها تشعر بأنها قد قامت مثل إبل عبدالرزاق عبدالواحد بمهمتها الأخيرة.

وفجأة يدخل رأس آسيوي لطيف إلى الكادر ويقول لك: only diesel sir.

هل فهمت ذلك الشعور؟! جيد نحن نتحدث اللغة نفسها الآن، لذلك فمن الطبيعي أن تستفزنا عبارة المخرج تلك إلى الحد الأقصى، ونبحث عن السبب وراء رغبته في إعادة المشهد، لا نرى أي خطأ، فينبهنا إلى أن فتاة قد مرّت على بعد 700 متر، ثم يذكرنا بأن برنامجنا سيعرض في رمضان، ويقول بصوت خفيض قبل إعادة بدء التصوير مرة أخرى: رمضان يا كفرة!

وعلى الرغم من أن المخرج قد صور 10 آلاف فيديو كليب تم رفضها محلياً لعدم التزامها بالمقاييس المحلية للحشمة، ورغم وجود شائعات تقول إنه صوّر أفلاماً لا يمكن مشاهدتها إلا باشتراكات البطاقات الممغنطة، إلا أنه كان يعرف خصوصية الشهر الفضيل، ويحرص، والحق يقال، على أن يكون المنتج النهائي صالحاً للعرض دون أن يخدش ما تبقى للخدش في أعين وضمائر المشاهدين!

أتذكر مخرجنا وأرفع له العقال حين أزور دور السينما المحلية هذه الأيام، التي لا يختلف لديها رمضان عن غيره، وهي معذورة بالطبع، فالسوق العالمية للأفلام ليست مرتبطة بالتقويم الإسلامي والأشهر القمرية، فلديها تقويمها الخاص ومواسمها الخاصة.

ولكن المنتِج العربي والمسلم والمحلي، هو الذي يوجه له السؤال، فالدراما تعرف في كل عام أن لديها موسماً سنوياً سيتم عرض الأعمال فيه على الجمهور، لكن ماذا عن السينما التي أصبحت أحد أهم الأساليب الحديثة في بث الأفكار ونشر المعتقدات؟! متى سيفكر صانع القرار الخليجي والعربي باستغلالها في الموسم الرمضاني بما يناسب خصوصية هذا الموسم، أسوة بالدراما والفعاليات والخيم، وينتج لها ما يستقطب الجمهور في هذا الشهر دون أن يمسّ قدسيته؟!

.. أو دون أن يضطر صاحبنا إلى الوقوف في الصالة والصراخ: «كت»!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر