كل يوم

خلطة المكياج بالطب بالعقار برجال أعمال!

سامي الريامي

احترامي وتقديري الشخصي لجميع الشخصيات المائة، التي اختيرت لتكون الأكثر تأثيراً في دبي من قبل مجلة محلية، فهم جميعاً مجتهدون ومتميزون ومبدعون كلٌّ في مجاله، ولهم بصمات واضحة لا يمكننا إنكارها، سواء في تطوير العمل، أو في الإبداع والابتكار.. هذه بداية لابد أن نتفق عليها!

لكن، وبعيداً عن هذه الشخصيات، علينا أن نركّز الكلام على المجلة التي لا نعرف هدفها الحقيقي من هذا الاستبيان، أو الفائدة المرجوة من تصنيف الناس بشكل غريب، ووفق مؤشر غامض، يصعب قياسه، ومعايير غائبة، فإذا أردت أن تضع قائمة بالشخصيات الأكثر تأثيراً في مجال معين، أو نطاق جغرافيٍّ ما، فعليك أولاً أن تكون واضحاً وتضع معايير واضحة للاختيار، هذا الوضوح لابد أن يشتمل على خوارزميات، وإجراء استطلاعات رأي بطرق عدة، منها شبكة الإنترنت، ثم التواصل مع عدد من المشاركين في الاستطلاع، للتدقيق في أسباب اختيارهم، وذلك بهدف أن يأتي الاختيار دقيقاً، وأقرب ما يكون إلى الواقع، وهذا ما لا أعتقد أنه حدث!

ولكي توصف الشخصية بأنها الأكثر تأثيراً، يشترط أن تستمر نتائج أفعالها لفترة طويلة نسبياً، لا أن تكون حالات عابرة، كما يجب أن تكون القائمة لها منطق يحكمها، لا أن تكون مرتبكة يختلط فيها المكياج بالطب بالعقار بموظفين حكوميين برجال أعمال.. هي فعلاً خلطة غريبة، لا يمكن أن نجد عاملاً مشتركاً يمكن أن يكون معياراً للتقييم، كما لا أعتقد أبداً أنها مرضية حتى لعدد كبير من الشخصيات التي تم اختيارها!

ما نعرفه أن الشخصية المؤثرة هي شخصية متعددة الأبعاد، قادرة على التأثير في قرارات وآراء الآخرين، وفي الأحداث المهمة، وفي الرأي العام، وقد تتمتع بقدر من الشهرة، لكن ليس بالشهرة وحدها يكون التأثير، ولكن ما لا يمكن لأحد معرفته، هو كيفية ظهور هذه القائمة، وكيف تمت عملية الاختيار، والأهم هو مفهوم كلمة الأكثر تأثيراً، وكيف يمكن تركيبها على بعض الشخصيات المُختارة، والتي يسمع عنها ويشاهدها كثيرون للمرة الأولى، بصراحة شديدة إنه أمر أشبه بنكتة مثيرة للضحك لا أكثر!

معايير اختيار رجل أعمال ضمن قائمة الأكثر تأثيراً، ربما يكون أبرزها إحداث نقلة نوعية في عمل شركته، أو إبداع منتج جديد غير تقليدي، أو حجم القطاعات الجماهيرية التي تتعامل معها شركته، ومدى تفوقها على منافسيها، والمساهمة المجتمعية التي قدمها أو يقدمها، وفي حين أن القائمة المعلنة تضم شخصيات قليلة جداً تنطبق عليهم بعض هذه المعايير، إلا أن الأغلبية لا تنطبق عليه أيٌّ منها، ما يجعلنا نبحث عن أسباب أخرى غير علمية وغير بحثية، جعلت هذه الأسماء تدخل في قائمة الأكثر نفوذاً!

وعندما تختار طبيباً أو مستشفى ضمن القائمة، فالمتوقع أن يكون هذا نتيجة لبحث علمي غير مسبوق، أو إنتاج دواء ناجع لمرض يعانيه كثيرون، أو لعب دور في العلاج مجاناً، أو خفض كلفة الرعاية الصحية على غير القادرين، أما الاختيار بعيداً عن هذه المعايير فإنه يضع علامة استفهام كبيرة حول طريقة الاختيار، والمعيار الحقيقي للوصول إلى هذه القائمة!

ما حدث أمر غريب، ومريب، وفي الوقت نفسه مسيء لشخصيات مميزة تم اختيارها، وشخصيات أخرى تستحق أن تكون ضمن الأكثر تأثيراً، إذا كانت هناك معايير علمية حقيقية، لكن تم تجاهلها، يؤكد فرضية وجود معيار «خفي» اعتمدته المجلة لإعداد مثل هذه القائمة، خصوصاً في ظل شُح الإعلانات، وانخفاض المداخيل، وموت سوق المجلات تقريباً في العالم كله، لكنه بالتأكيد أيضاً ليس معياراً علمياً، ولا حقيقياً، ويخلو من الصدقية، لذا لابد من المطالبة بأن تكون هناك معايير معلنة ومحددة وواضحة، عند إعلان مثل هذه القوائم، مع ضرورة الإعلان عن أسماء المحكمين الذين طبقوا هذه المعايير، والأهم أن تكون الجهة المنظمة لهذه النوعية من القوائم جهة محايدة غير ربحية، لا مصلحة مباشرة أو غير مباشرة تعود عليها من الشخصيات المختارة، كما يجب أن تكون هناك تصنيفات واضحة في مجالات واضحة، بعيداً عن سياسة سمك لبن تمر هندي!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر