كل يوم

رسالة مواطن قدم استقالته!

سامي الريامي

«بالإشارة إلى مقالك أمس، أحيطك علماً بأني تقدمت باستقالتي (مجبراً)، غداً هو آخر يوم عمل بالنسبة لي في الشركة، والحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه، لكن ما يؤلمني أن تكون السلطة مطلقة في يد شخص يتخبط في قراراته، التي بها حوّل الشركة إلى بيئة طاردة للمواطنين، ومن دون أي رقابة من مجلس الإدارة أو غيره!».

هذه رسالة نصية، تلقيتها أمس من أحد الموظفين المواطنين، بعد نشري مقال أمس عن هذه الشركة شبه الحكومية، وما يحدث فيها من ممارسات خاطئة بحق الموظفين، خصوصاً المواطنين منهم، طلبت منه الصبر وعدم الاستعجال، فكان رده كالتالي: «والله إنني مجبور، لقد خيرني الرئيس التنفيذي بين مرافقة ابنتي (5 سنوات) للعلاج خارج الدولة، وإنهاء خدماتي، حيث إن حالتها الصحية، حسب التقارير الطبية، تستدعي العلاج الفوري، وإجراء عملية جراحية في الولايات المتحدة، وقد تمتد فترة العلاج إلى شهرين، وبين تقديم استقالتي، وللأسف لم يكن لدي أي خيار ثالث، ففضلت الاستقالة والذهاب بابنتي للعلاج»!

بالتأكيد لن ندعي أن جميع الموظفين المواطنين على حق، وهم ليسوا جميعاً على المستوى نفسه من العمل والإنتاج والكفاءة، هناك المتميزون، وهناك المقصرون، ولكن بالتأكيد أيضاً هناك ممارسات غير مقبولة من الإدارات العليا أحياناً، وهناك سوء استخدام للسلطة، خصوصاً إن كانت مطلقة بيد شخص واحد، ولا رقابة حقيقية عليه، لذا فالقانون في مثل هذه الحالة هو الفيصل، وقوانين الدولة سواء كانت محلية أو اتحادية، جميعها تحمي الموظفين من الفصل التعسفي، فهل تدرجت إدارة هذه الشركة في إجراءاتها قبل أن تنهي خدمات موظفين مواطنين، وهل لدى الرئيس التنفيذي سلطة التهديد والوعيد، وتقديم خيارات صعبة للموظفين تهدف لإجبارهم على الاستقالة؟ إذا كان ذلك صحيحاً، فيهمنا أن نعرف من أين اكتسب هذا الحق يا ترى؟!

ندرك تماماً أن هذه الشركة تحديداً تواجه متاعب، وخسائر مالية كبيرة، لكن هؤلاء المواطنون ليسوا سبباً في تلك الخسائر، وعلى مجلس الإدارة أن يبحث عن المشكلة الرئيسة والخلل الحقيقي الذي أدى إلى هذه الخسائر، لا أن يترك العنان لرئيسها التنفيذي في التضحية بالموظفين المواطنين، تحت ذريعة تقليص النفقات، في الوقت الذي يتم فيه تعيين موظفين، وترقية موظفين، وزيادة رواتب موظفين من جنسيات أخرى!

للأسف الشديد، تتعامل الإدارة في هذه الشركة مع المواطنين باعتبارهم رقماً مالياً، وكلما تخلصت من أحدهم، تعتبر ذلك إنجازاً يحسن موقفها المالي، خصوصاً إن كان ذلك المواطن من فئة المديرين أصحاب الدرجات الوظيفية العليا، رغم أن الإدارة ذاتها هي التي استقطبت هؤلاء المواطنين من جهات ومؤسسات أخرى، وأغرتهم بالدرجة الوظيفية والراتب الجيد، والآن بعد أن تركوا وظائفهم، وأصبحوا أمام أمر واقع جديد، بدأت معهم عمليات المفاوضات والضغوط والتهديدات لإجبارهم على تقديم استقالاتهم، غير آبهة بهم، ولا بأطفالهم، وأسرهم وحياتهم بشكل عام، وقبل هذا كله غير آبهة بقوانين الدولة، وتوجهاتها نحو إسعاد المواطنين، وضمان توفير الحياة الكريمة لهم، ولا بقوانين الموارد البشرية، التي تضع شروطاً وإجراءات عدة، قبل فصل أي موظف!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر