كل يوم

هذا ما يحدث في شركة شبه حكومية!

سامي الريامي

الشركات شبه الحكومية يجب ألا تكون جزراً منفصلة، بعيدة عن الرقابة وعن القوانين واللوائح الحكومية المعمول بها، صحيح أنها غير مرتبطة بقانون الموارد البشرية للحكومة بشكل مباشر، لكن هذا لا يعني أن يتصرف المسؤولون التنفيذيون فيها كأنها ملك خاص لهم، يُعينون ويرقون وينهون خدمات الموظفين وفقاً لأمزجتهم، وعلى حسب أهوائهم ومصالحهم!

استقلالية هذه الشركات عن القوانين الحكومية جاءت لأنها تحمل طبيعة عمل مختلفة، أقرب إلى عمل القطاع الخاص، لذلك ارتأت الحكومة تسهيل عملها، وتطبيق قوانين خاصة بها، وإطلاق اسم «شبه حكومية» عليها للتفريق بينها وبين المؤسسات الحكومية، لكن أيضاً هذا لا يعطي الحق للمسؤولين فيها بتجاوز القوانين العامة الموجودة في الدولة، خصوصاً في ما يتعلق بالتعامل مع الموظفين المواطنين، وهضم حقوقهم، وإجبارهم على تقديم استقالاتهم!

للأسف هذا ما يحدث حالياً في شركة من هذه الشركات، يتصرف فيها رئيسها التنفيذي مع الموظفين المواطنين، كأنهم يعملون في مزرعته الخاصة، في حين أنه وإياهم جميعاً موظفون في شركة شبه حكومية، تتبع للحكومة، وليست ملكاً خاصاً لأحد!

بكل بساطة وسهولة، يستدعي مديري الإدارات المواطنين، ويقدم لهم عرضاً واحداً لا ثاني له، القبول براتب شهرين ومغادرة الشركة فوراً، ويضغط عليهم بشدة في هذا الاتجاه، نجح مع بعضهم، ومازال يحاول مع البعض الآخر، والهدف تطفيشهم من الشركة، ليس طمعاً في منصبهم، فهو في منصب أعلى، ولكن للتقليل من المصروفات، والظهور في الميزانية بأرقام جيدة تؤهله للحصول على «بونص» مضاعف، ولا يهم إن كان ذلك على حساب التسبب في قطع رزق موظف مواطن، وتشتيته هو وعائلته!

لا أحد ضد إنهاء خدمات الموظف المواطن وفق القوانين المعمول بها في قانون الموارد البشرية للحكومة، إن كان مقصراً في أداء المهام الموكلة إليه، وغير ملتزم بساعات الدوام الرسمي، وضارباً بكل قوانين العمل عرض الحائط، وضعيف الإنتاجية، ولكن إنهاء الخدمات من دون أسباب جوهرية يعد فصلاً تعسفياً، لا تقره جميع القوانين واللوائح المعمول بها، التي يجب أن تنطبق على الشركات شبه الحكومية تماماً كما تنطبق على الدوائر والمؤسسات والجهات الحكومية الأخرى.

إذا كانت الظروف المالية المتردية للشركة هي السبب الرئيس لإنهاء خدمات المواطنين، فمن باب أولى البدء في تقليص عدد الموظفين الأجانب أصحاب الرواتب العالية، لكن ما يحدث حالياً هو عكس ذلك تماماً، لذلك ليس مقبولاً أبداً أن يُنهي هذا الرئيس التنفيذي خدمات موظفين مواطنين بدرجة مديري إدارات، وفي الوقت ذاته يقوم بترقية مجموعة من الموظفين غير المواطنين، وزيادة رواتبهم، ما يجعل الأمر في غاية الغرابة!

ربما استطاع هذا الرئيس المتسلط الضغط على عدد من الموظفين ممن لا حول لهم ولا قوة، لكن هذا الوضع المتردي لا يمكن أن يستمر، ولابد أن يأتي يوم سيجد فيه نفسه مطالباً بتقديم استقالته، بسبب ظلمه لهؤلاء الموظفين، أو ربما لأسباب أخرى!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر