كل يوم

الدوحة والتمترس في «المربع الأول»!

سامي الريامي

أثبتت الأحداث والوقائع التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط عموماً، والخليج خصوصاً، خلال المرحلة الماضية، أن دولة قطر متمترسة في المربع الأول، والمربع الأول القطري هو الإصرار على دعم الحركات الأصولية الإسلامية، وحركة الإخوان المسلمين الإرهابية، ليس فقط سياسياً، وإنما لوجستياً أيضاً، بما تسمح به الظروف والأوضاع لأسباب ومبررات أثبتت الأحداث أنها غير منطقية وليست واقعية!

ورغم كل ما يحدث، لم تُحسن السياسة القطرية قراءة المشهد السياسي بشكل عقلاني، ولم تُراعِ الجيرة والأخوة الخليجية، وفضّلت الابتعاد عن المسار الخليجي الطبيعي، والعمل ضد مصالح شعوب المنطقة، في سبيل عدم التخلي عن أجندتها الغامضة المشبوهة!

ضعف قراءة المشهد السياسي، والإصرار على الاختباء وراء العزة بالإثم، جعلا قطر لا تدرك أن سياستها المشبوهة لا يمكن أن تتواصل في ظل الدمار والاحتقان المتفاقم الذي تشهده منطقتنا على الأصعدة كافة، وفي ظل التوجه العالمي للقضاء على آفة الإرهاب والتطرف، أياً كان مصدرهما ودوافعهما، لذلك فلا مجال الآن للتغاضي عن سلوك الأفراد والكيانات والدول التي تظهر موقفاً متردداً تجاه ما استقرت عليه الأسرة الدولية، التي تسعى إلى إنقاذ ما تبقى من شعوب أبيدت ودول تحطمت، من دون أي بارقة أمل في نهاية قريبة لهذه المحرقة، خصوصاً أن الدوحة بسياساتها الغريبة، وبوقها الإعلامي الخبيث المتمثل بقناة الجزيرة، كانا معولين من معاول هدم الدول، وسببين من أسباب نشر الفوضى والعنف والقتل والدمار في مختلف أنحاء الوطن العربي الكبير.

لقد أثبتت نتائج قمم الرياض الثلاث، التي عقدت أخيراً في العاصمة السعودية، أن العالم متحد في موقفه الرامي لاستئصال ورم الإرهاب الخبيث، وتجفيف منابعه أينما وجدت، وإذا كانت الدوحة قد استشعرت الخطر، أو أحست بأنها معنية بهذا الموقف الدولي الجديد، فعليها أن تسعى إلى تغيير سلوكها بدلاً من تبني موقف متشنج تجاه دول اختارت لنفسها خطاً مغايراً، قوامه الاعتدال وقبول الآخر مهما كانت درجة اختلافنا معه، ضمن قاعدة احترام حقوق سيادة الدول، وبما يحفظ للبشر كرامتهم، والحفاظ على حياتهم.

كان حرياً بالدوحة تبني موقف براغماتي واقعي يراعي مصلحة منطقة الخليج أولاً، والمحيط العربي ثانياً، بدلاً من ضبط بوصلة مواقفها السياسية وتوجهاتها الخارجية مع مواقف طهران و«حزب الله»، ووكلائهما في أكثر من بلد عربي، التي ثبت بالدليل القاطع أنها لا تسعى للتمدد فقط في العواصم العربية، بل إلى تأجيج نار الفتنة الطائفية، وإدخال المنطقة في حروب أهلية لا نهاية لها.

الإمارات والسعودية وبقية دول الخليج لن تتخلى عن موقفها الداعم للحياة ولرفاهية الشعوب، وتطبيق صحيح الدين، وليس المشوه منه، كما أنها لن تعمل إلا ما يحقق الانسجام مع وحدة مصير شعوب منطقة الخليج، انطلاقاً من التاريخ المشترك، وعلاقات النسب والمصاهرة، والمصالح التي تزداد قوة بين شعوبها، ولا تسعى إلى التوتر في ما بينها، لكنها في الوقت نفسه تتمنى على الدوحة أن تغير موقفها لأنها تبدو طائراً يغرد خارج السرب!

هذا الوضع القطري لا يستقيم، مهما طال الزمان أو قصر، فالدول العربية والخليجية عانت كثيراً، وضاقت ذرعاً بمنابر قطر الإعلامية المُمنهجة على بث الفتنة والفُرقة، وضاقت ذرعاً بتوجهات قطر الشاذة، وإيوائها لرموز تنظيم الإخوان المسلمين، الذي تصنفه دول الخليج كمنظمة إرهابية، وضاقت ذرعاً بالمواقف القطرية ليست المختلفة تماماً مع سياسات مجلس التعاون فحسب، بل تعمل وبشكل واضح ضد أمن واستقرار ومصالح دول المجلس، لذلك على الدوحة أن تقرر ما إذا أرادت مواصلة السير ضد مصالح شعوب المنطقة، أو العودة إلى المسار الطبيعي والتخلي عن أجنداتها المشبوهة!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر