كل يوم

التطرف وقود الإرهاب.. والمحرضون إرهابيون

سامي الريامي

محاربة الإرهاب والتطرف مسؤولية مشتركة لجميع دول العالم، لكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الدول الإسلامية، شئنا أم أبينا.

صحيح أن الإرهاب لا يرتبط بثقافة أو دين أو مجتمع أو دولة، إلا أن هناك كثيراً من الإرهابيين اختطفوا الدين الإسلامي وشوهوا صورته، وعبثوا بتعاليمه السمحة، فعاثوا في الأرض فساداً باسم الإسلام، وطبعوا في أذهان العالم تلك الصورة السيئة عنه، كما أن معظم ضحايا الإرهاب هم للأسف مسلمون، و«معظم» تعني بلغة الأرقام أكثر من 90% من ضحايا الإرهاب هم من المسلمين، لذلك فالمسؤولية على الدول الإسلامية أكبر وأضخم.

مكافحة الإرهاب أمر حتمي وضروري، ولكن الأهم من ذلك محاربة خطر الفكر المتطرف، فهو وقود الإرهاب، وهو المحرك الرئيس للإرهابيين، لذلك فالمعركة يجب أن تكون شاملة ضد التطرف، والفكر المتطرف، وكل من يدعم ويحرّض على التطرف بالقول أو الفعل أو المال أو السلاح، سواء كان ذلك المحرّض فرداً أو تنظيماً أو دولة أو ميليشيات تتبع دولاً متطرفة، كل أولئك أعداء الإنسانية، وأعداء الحياة، وأعداء المجتمعات والمدنية والتطور، هم أعداء العالم، وعلى دول العالم مجتمعة أن تسعى لاجتثاث جذورهم وفكرهم المتطرف.

ما أحوجنا اليوم إلى عالم متسامح ومسالم ومتعايش بحب وسلام وخير، عالم قادر على درء آفة التطرف وخطر الإرهاب، ومواجهة التهديدات كافة الناجمة عنهما، ومن دون الوصول إلى لحظة القضاء عليهما، لن يستطيع العالم تحقيق حلم التسامح والتعايش والعيش بأمان وسلام.

دول العالم الإسلامي، إضافة إلى أقوى دول العالم، أدركت ذلك في القمة العربية الإسلامية الأميركية، التي اختتمت أعمالها أول من أمس في الرياض، وتأكدت من الحاجة الملحة، أكثر من أي وقت مضى، إلى العمل الجماعي، والتعاون الدولي، وإقامة الشراكات والتحالفات في سبيل دحر خطر التطرف والإرهاب اللذين يهددان الأمن ويتربصان بالشعوب والدول.

أدركت هذه الدول أنه ليس بمقدور أي دولة، مهما كان حجمها ودرجة قوتها، مواجهة هذا الخطر الداهم على نحو منفرد أو بمعزل عن الآخرين، وعرفت أيضاً أن بداية السلام يجب أن تكون بنهاية التطرف والإرهاب، ولكن من أجل القضاء على الإرهاب لابد أولاً من مكافحة ومحاصرة الفكر المتطرف والمتطرفين والقضاء عليهم، فهم محور الشر، وهم وقود النار التي تشعل العالم.

من هنا جاء الإعلان عن تأسيس مركز «اعتدال» العالمي لمكافحة التطرف، وهو أحد أهم مخرجات قمة الرياض، وأحد أبرز ثمار التعاون الدولي في مواجهة الفكر المتطرف المؤدي إلى الإرهاب، العدو الأول والمشترك للعالم، ومن خلاله سيتم رصد وتحليل الفكر المتطرف ومواجهته والوقاية منه، والتعاون مع الحكومات والمنظمات لنشر وتعزيز ثقافة الاعتدال، وقبول الآخر والتعايش معه.

إنها المرة الأولى التي تقف فيها دول العالم صفاً واحداً وبشكل جاد لمواجهة خطر التطرف، وذلك بعد إيمانها واقتناعها بأنه الخطر الحقيقي الذي يواجه المجتمعات، وهو المحرّك الدائم للإرهاب، لذلك فالمركز سيعمل على تفنيد خطاب الإقصاء، وترسيخ مفاهيم الاعتدال، وتقبل الآخر، وصناعة محتوى إعلامي هادف، يتصدى لمحتوى الفكر الإقصائي المتطرف المريض.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر