كل يوم

تكريم لمن يستحقون التكريم..

سامي الريامي

من دون التقليل من شأن أحد، ومع احترامنا للجميع، وما يقدمونه من عمل وإنتاج سواء فني أو مسرحي أو غنائي أو رياضي، لقد كان حفل «صنّاع الأمل» في دبي مختلفاً، فهو تكريم حقيقي لأناس يستحقون التكريم، ويستحقون تسليط الضوء على عملهم ومجهودهم الإنساني المتميز، أناس يستحقون أن يكونوا في صدارة اهتمام الإعلام دون غيرهم، لأنهم أهم من غيرهم، إنه باختصار تكريم صحيح في زمن يعج بالاحتفاء بتكريمات خاطئة!

صانعة أمل مدّت حبل نجاة لأكثر من 200 ألف من اللاجئين والمهاجرين ممن يركبون البحر، لا يملكون أدنى أمل للحياة، فصنعته لهم المغربية نوال الصوفي، وآخر قضى 13 عاماً من عمره من أجل تربية وتعليم وحماية الأطفال المشردين، وكرّس حياته من أجل صنع حياة عظيمة لكل واحد منهم، إنه ليس عملاً عادياً أبداً، إنها مسؤولية عظيمة لا يستطيع حملها سوى إنسان يحمل عزيمة عظيمة.

وصانعة أمل أخرى تركت حياة الراحة التي تعرفها في بلدها الكويت، وهاجرت قبل 10 سنوات إلى بلد يستوطنه اليأس والمرض والفقر لتساعد المحتاج، وتنقذ المريض، وتعيد الأمل لمن شارف على نسيان معناه الحقيقي، وامرأة أخرى أحدثت فرقاً في حياة الآلاف من الناس، منطلقة من الإيمان بأن خدمة الإنسانية شرط من شروط الوجود، لذا فإن وجودها في الدنيا مرهون بخدمة هؤلاء الناس، فأخلصت لقناعاتها وإيمانها ونشرت الخير في محيطها.

أعمال إنسانية عظيمة، لم نكن لنسمع عنها، ولم يكن أحد في الوطن العربي يعرف تفاصيلها، لولا وجود صانع الأمل الأول، صاحب الشخصية الإنسانية المميزة، الذي يعشق نشر الحب والخير في أنحاء الوطن العربي الكبير، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي بادر بإطلاق هذه الفكرة المميزة، وبادر بتكريم هذه المجموعة النبيلة في حفل بهيج أسعد كل من شاهده، ونشر الفرح في كل بيت عربي، في وقت يغزونا الحزن والهم من كل جانب!

صنّاع الأمل الذين كرمهم محمد بن راشد واحتفى بهم، ليسوا أثرياء، ولا يملكون ثروات فاحشة، كما أنهم ليسوا أصحاب نفوذ ومناصب، هم أناس بسطاء للغاية، بل إن هناك مئات الآلاف بل ملايين من العرب هم أفضل منهم حالاً، وأكثر منهم مالاً، وأقوى منهم نفوذاً، ومع ذلك فصنّاع الأمل بذلوا جهوداً عجز عنها غيرهم، وأخلصوا لمجتمعاتهم وإنسانيتهم، في وقت يذوب فيه معنى الإنسانية في قلوب كثير من البشر، لم تمنعهم إمكاناتهم المحدودة من إحداث فرق كبير في حياة الناس، فصححوا أوضاعاً، وعالجوا مشكلات، ووهبوا الأمل لمن فقده، لذا فهم استحقوا التكريم بكل جدارة.

انتهى الحفل، وانتهت الدورة الأولى من صنّاع الأمل، ورأينا نماذج تستحق كل احترام وتقدير، وتعلمنا من محمد بن راشد أن نحتفي بفئة جديدة لم تكن تجد من يحتفي بها في عالم مشغول بالفن والرياضة، انتهى كل ذلك، لكن هناك أسئلة يجب ألا تنتهي، ويجب أن تتردد في ذهن كل إنسان في هذا الوطن العربي الكبير: ماذا قدمت لمجتمعي؟ وماذا قدمت للإنسانية؟ وكيف يمكن أن أكون صانع أمل حتى لو لم أفز بأي جائزة؟

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر