«ميسي» صيني

ليس شرطاً أن تكون مشهوراً حتى يحبك الناس ويلتقطوا «السيلفي» معك.. ما عليك سوى أن تبحث في «كتالوج» المشاهير عن أي الوجوه تشبه، وتقوم ببعض التحسينات المقدور عليها لتصبح نجماً في يوم وليلة.

مثلاً، الشاب الإيراني رضا باراستش، أصبح مشهوراً من حيث لا يعلم، عندما اكتشف أن الطول والملامح تشبه اللاعب العالمي ليونيل ميسي، وعندما هبّت رياح الشهرة اغتنمها الفتى، فأطال ذقنه كما فعل النجم الشهير، وحسّن في قصة شعره، ثم ارتدى قميص برشلونة، وحمل بيديه كرة قدم، ومشى في شوارع طهران، وبدأت تنهال عليه عبارات الإعجاب وطلبات التصوير، ففي زمن «التقليد والتزييف» التقاط صورة مع «ميسي إيراني» لا يفرق كثيراً عن التقاط صورة مع «ميسي الأصلي»، بل لن يكتشفها أحد في زمن «الشوسال ميديا» المدبلج.

إذاً صار لدينا «ميسي» أرجنتيني أصلي مكفول خمس سنوات، ولدينا «ميسي» إيراني بالمواصفات نفسها لكن دون كفالة، ولا أستبعد أن يخرج لنا من كل فجّ عميق «ميسي» صيني، «ميسي» تايلندي، «ميسي» هندي.. «ميسي» تجميع ماليزي، ولك أن تفاضل في أخذ الصورة مع نسخ هذا اللاعب المشهور، حسب سمعة الصناعة الوطنية لتلك الدولة.. فمن يأخذ صورة مع «ميسي» تجميع ماليزي، ليس كمن يأخذها مع «ميسي» صيني، عدم المؤاخذة.

في ثمانينات القرن الماضي كانت شهرة مارادونا تفوق شهرة «ميسي» الآن بأضعاف، وقد أصاب شباب الوطن العربي آنذاك لوثة تقليد غير مسبوقة، الكل أطال شعره ونفخ صدره وارتدى رقم «10» في منتخب الأرجنتين، كل المجتمع الذي حولي أصبح بقدرة قادر مارادونا: بائع الفلافل مارادونا، مفتش الصحة مارادونا، المأذون مارادونا، المواسرجي مارادونا، سائق التاكسي مارادونا، المؤذن مارادونا.. وأنت تمشي في الشارع كنت تحس أنك في غرفة تبديل ملابس «نابولي» وليس في مدينتك ومسقط رأسك، فأينما وليّت وجهك ترى مارادونا.. المشكلة أن بعض أشباه النجم علاقتهم بكرة القدم تماماً كعلاقتي بــ«بوكالة ناسا».

«ياه» لو أن البطولة مثل الأبطال لها صور وأشباه تمشي على الأرض، لبحثنا عنها في أصقاع الدنيا كلها، ففي زمن الهزيمة والانكسار، الاحتفاء بشبه «البطولة» انتصار!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .