كل يوم

التميّز من أجل التميّز لا من أجل الفوز بالجوائز..

سامي الريامي

لا ننكر أبداً رقي الخدمات المقدمة من معظم دوائر دبي، فهي لا تُقارن بمثيلتها في كثير من مدن العالم المتطورة، هذه حقيقة أقرها محكمو جائزة دبي للأداء الحكومي المتميز، القادمون من الولايات المتحدة وسنغافورة وأستراليا، وغيرها من دول ومدن متقدمة للغاية.

لقد انبهر هؤلاء المحكمون كثيراً بما تقدمه معظم الدوائر المحلية من خدمات متطورة للغاية، ما يدل على وجود تنافس محمود نحو التميز، ووجود رؤية وخطة استراتيجية واضحة مرسومة لهذه الدوائر، فلا عشوائية في العمل، ولا تهاون في مواجهة أي تقصير يؤثر في خدمة العملاء والمراجعين.

هذه الدوائر المتميزة وصلت إلى هذه المرحلة، عندما وضعت التميز وخدمة المراجعين وإرضاءهم نهجاً وهدفاً حقيقياً، لم تضع الفوز بالجائزة هدفاً، ولم تتصنع تقديم الخدمات، ولم تُركز جهودها على تقديم ملفات ورقية، للتأثير في المحكمين دون أن يكون التميز، وتطوير العمل، حقيقياً وواقعياً وميدانياً.

نعم هُناك من يفعل ذلك، وهُناك من يضع الجائزة هدفاً، يُخطط لها، ويستحدث أقساماً خاصة بها، ويُعيِّن شركات استشارية متخصصة في الجودة، بل ويوظف موظفين خاصين لتقديم ترشيحات الجائزة، يصنع كل شيء من أجل الفوز، ويخصص ملايين من الميزانية لهذا الغرض، في حين أن الطريق الأقصر هو تبسيط الإجراءات، وتقديم الخدمات، والتيسير على المراجعين، وبناء بيئة عمل داخلية إيجابية، مشجعة على الإبداع والإنتاج، ولو وفّر أمثال هؤلاء أوقاتهم لتطوير العمل، وأموالهم لتحفيز الموظفين، لفازوا بعدد من الجوائز، دون أن يوظفوا استشاري جودة واحداً!

ملايين كثيرة تصرفها دوائر عدة، فقط من أجل أن تشارك وتفوز بجائزة من الجوائز، وشركات استشارية، أجنبية وغير أجنبية، تستفيد من هذه الملايين لتقدم خدماتها إلى هذه الدوائر، في حين أن الهدف الرئيس من جائزة دبي للأداء الحكومي، وغيرها من الجوائز الشبيهة، هو تطوير الأداء، وتحسين الخدمات، وبيئة العمل، وتقديم خدمات مميزة وراقية للجمهور، والتسهيل على العملاء، بتقديم خدمات إلكترونية سهلة.

جائزة دبي استطاعت أن تُطور عمل الدوائر بشكل لافت وكبير، وذلك بفضل إذكاء المنافسة بينها، وتحفيزها للمشاركة والتميز، والوصول إلى منصات التكريم في محفل سنوي مهم ينتظره الجميع، لذلك فالأموال التي تُصرف للاستشاريين وشركات الاستشارة الخارجية أولى أن تُصرف لتحفيز الموظفين، وتشجيعهم على الإبداع والابتكار والاجتهاد والتفاني في تقديم الخدمات، وتعيين موظفين لتقديم خدمات أكثر أهمُّ من تعيين موظفين خاصين فقط للجائزة، وتخطيط الدوائر للتميز يجب أن يكون من أجل التميز، لا من أجل تقديم ملف الترشح للجائزة.

ومع ذلك، ورغم وجود مثل هذه الممارسات، تبقى لدينا دوائر لا مثيل لخدماتها عربياً وحتى عالمياً، ولا يمكن أبداً التقليل من جهود كثير من المديرين والمسؤولين من أجل الارتقاء بهذه الخدمات، وتطوير العمل، وبذل الكثير من أجل رقي هذه المدينة العالمية المميزة.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر