كل يوم

شباب «التكنولوجيا» ورقصة «متصوع»

سامي الريامي

بالتأكيد مبالغة عدد من الشباب والمراهقين في رقصة «متصوع» شيء غير مقبول اجتماعياً، فهي تصرفات خاطئة دون شك، ولها تداعيات سلبية عليهم، وعلى عائلاتهم وذويهم، لكن علينا أن نأخذ بعين الاعتبار حقيقة مهمة، هي أن معدل أعمار هؤلاء الشباب يقع تحت 16 عاماً، ما يعني أنهم لايزالون في مرحلة المراهقة، وهذه المرحلة هي أحرج مرحلة عمرية، مرحلة المغامرة والتقليد وتأدية أفعال دون التفكير في ردة الفعل المترتبة عليها، مرحلة طيش، واندفاع بشقيه السلبي والإيجابي، هذه وغيرها صفات فطرية في سن المراهقة، تنطبق على جميع شباب العالم، باختلاف جنسياتهم وألوانهم!

لا أرتدي الآن ثوب محامي الدفاع، ولا أود السباحة عكس تيار المجتمع الرافض لهذه الأفعال، بل أكرر رفضي لها، وأتفق مع كل مَنْ يرفضها، لكن أتمنى فقط أن يكون مجتمع الكبار أقل مبالغة في التعامل مع مجتمع الصغار الذين يؤدون هذه الظاهرة، وأن يجد الكبار الطريقة المثلى للتعامل مع هؤلاء الشباب، والأهم من ذلك ألا نندفع ونعالج الخطأ بخطأ أكبر منه، وألا تكون ردة الفعل أقوى من الفعل نفسه بأضعاف مضاعفة.

قرار إدارة معاهد التكنولوجيا التطبيقية إيقاف ثمانية طلاب عن الدراسة «مؤقتاً»، وهم يمرون بفترة امتحانات في مراحل مختلفة لا تتجاوز الصف الثاني عشر، وذلك بعد أن ظهروا في فيديو يؤدون رقصة «متصوع» في فصل دراسي، لا أعتقد أبداً أنه قرار صائب!

ما فعله الطلبة هو بالفعل شيء مشين وسيئ، ويستحقون عليه عقوبة ما، وعدم احترامهم لحرمة المدرسة والصف الدراسي أمر غير مقبول، ما فعلوه خطأ لا نختلف عليه مع الإدارة، لكن معالجة الخطأ بخطأ أكبر منه شيء يستحق النقاش والاختلاف، فهل تدمير مستقبل ثمانية طلبة وإيقافهم عن الدراسة لبدء التحقيق معهم، دون الأخذ بعين الاعتبار عدم وجود أي سابقة سيئة لهم، أمر يتناسب مع حجم الجرم الذي فعله هؤلاء المراهقون؟!

يُفترض أن تكون إدارة معاهد التكنولوجيا أكثر حكمة في التعامل مع هذه العقليات الصغيرة، التي تمر بمرحلة عمرية حساسة، فالشدة والقسوة وحدهما لا تحلان كثيراً من المشكلات، لابد منهما أحياناً هذا صحيح، لكن بالإمكان علاج مثل هذا الموقف بأكثر من طريقة، وبالإمكان القضاء على هذه الظاهرة، دون القضاء على مستقبل طلبة صغار!

لدينا نماذج مشرفة من شباب الإمارات، يقعون في هذه المرحلة العمرية، نوابغ، ومجتهدون، ومخترعون، ومتميزون، لدينا إرث حضاري واجتماعي تأسس عليه معظم شبابنا، ولدى معظمهم حس وطني عالٍ، وأخلاق مشرفة نفخر بها جميعاً، وإذا ظهرت لدينا نماذج عكس ذلك، فتأكدوا أنها ظواهر طبيعية في معدلات طبيعية، لا تعكس الصورة العامة لشباب الإمارات، وتأكدوا أنهم أيضاً ليسوا بهذا السوء، وبالإمكان تصحيح مسارهم بسهولة، فهم أبناؤنا وإخواننا، وهم جزء لا يتجزأ منا، ومن غير المعقول أن نقسو عليهم، دون أن نراعي طبيعة مرحلتهم العمرية، و«سذاجة» فكرهم غير المؤذي، مقارنة بأفعال أخرى أكثر إيلاماً وإيذاء!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر