5 دقائق

الابتسامة.. معانٍ وتفسيرات

عبدالله القمزي

قيل إن الابتسامة هي أقرب طريق للدخول إلى قلب شخص، فهي تكاد تكون لغة عالمية مفهومة في كل الثقافات أو متفقاً على معناها، وفي الحديث النبوي الشريف وردت الابتسامة: «تبسمك في وجه أخيك لك صدقة...».

رغم ذلك فإن الابتسامة لها تفسيرات كثيرة تعتمد على ثقافة كل مجتمع وما يُعد مقبولاً في مكان ليس كذلك في مكان آخر. مثلاً، المرأة العربية تقبل الابتسامة من زميل في مقر العمل ولا تتقبلها من غريب في مكان عام. المرأة الغربية تقبل الابتسامة في المكان العام لكن ذلك لا يعني أنها تتقبل الشخص.

الرجل العربي قد يتقبل الابتسامة وقد تغضبه ويعتبرها تصرفاً أحمق اعتماداً على مبادئ نشأته.

من تجربتي الشخصية أكثر الشعوب ابتساماً هم الأميركيون والكنديون والفلبينيون والدانماركيون والنرويجيون والبريطانيون. وأقلهم الفرنسيون والسويديون والصينيون.

في دراسة نشرت عام 2015 نظرت مجموعة من الباحثين في دول صب المهاجرون فيها خلال 500 عام مضت، مثل كندا وأميركا وحتى الإمارات المتنوعة جداً عرقياً، ودول أخرى، مثل زيمبابوي والصين أغلب سكانها أصليون مع بعض الجنسيات الأخرى تعيش فيها.

وبعد استطلاع شرائح من الناس من 32 دولة عن شعورهم أي فعل يجب أن يعبر بشكل علني، وجد الباحثون أن تعابير المشاعر كالابتسامة ارتبطت بشكل مباشر مع الأمم متنوعة الأعراق. بكلمات أخرى عندما يكون جارك لا يتحدث العربية أو الإنجليزية فإن الابتسامة بينكما ستكون واردة جداً لبناء الثقة والتعاون.

الناس في الدول المتنوعة عرقياً ابتسموا أيضاً لأسباب مختلفة عن نظرائهم في الدول الأقل تنوعاً. الدول المستقبلة للمهاجرين استخدمت الابتسامة لخلق ترابط اجتماعي، بينما الدول الأقل استقبالاً للمهاجرين كانت الابتسامة تعني أن المبتسم يريد التقرب من شخص ما.

من جهة أخرى، في الدول الطبقية فإن الابتسامة عكست الثقافة أي أن الشخص المبتسم يقول لغيره بالابتسامة إنه أعلى منه. كما أثبت البحث أنه كلما قل المهاجرون في دولة زادت الطبقية فيها.

في دراسة أخرى نشرت العام الماضي، فحصت جوازات السفر الأميركية والجوازات الصينية لقياس التعبيرات الوجهية بين دولتين الأولى مكونة من مهاجرين والثانية يسودها سكانها الأصليون، ووجدوا أن الأميركيين من كل مشارب الحياة مبتسمون في الصور بينما الصينيون ليسوا كذلك.

الابتسامة الأميركية قد تعكس حماساً وطاقة متقدة وشعوراً إيجابياً. لكن الدراسات أيضاً أثبتت فشل الابتسامة الأميركية في خلق فرص عمل للشركات الأميركية خارج حدودها.

عندما توسعت شركة ماكدونالدز للوجبات السريعة في روسيا في التسعينات كانت الإدارة تحث موظفيها على الابتسام في وجه الزبائن والترحيب بهم بالنظر في عيونهم، الروس لم يتقبلوا ذلك، وعندما كان الموظف ينظر في عين الزبون مبتسماً لفترة فإن بعض الزبائن تجاهلوا تلك النظرات. في الثقافة الروسية النظر في عين الآخر تعني رغبة في القتال، والابتسامة دون سبب تعني حماقة.

ختاماً: عام 2006 انسحبت متاجر وول مارت الأميركية من ألمانيا لأسباب تتعلق بالاختلاف بين الثقافتين، وكان من أبرز الأسباب هو أن الألمان لم يتقبلوا الابتسامة الأميركية خصوصاً الرجال منهم، إذ اعتبرها البعض مغازلة والبعض الآخر رآها قلة أدب.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 
 

تويتر