كل يوم

العدالة تقتضي إيقاف هذه الظاهرة!

سامي الريامي

عندما كتبتُ مقالاً عن تفصيل المناصب لأشخاص معينين، وتثبيتهم عليها تحت بند «إعادة الهيكلة»، كنت أقصد دائرة معينة، ولكن ما إن نشرت المقال حتى جاءتني ردود فعل من موظفين ومسؤولين في جهات ودوائر وهيئات عديدة وكثيرة، وكل منهم يؤكد تماماً أن جهته هي المقصودة، وأن ما يحدث فيها يتطابق بالكلمة والحرف مع ما ورد في المقال!

أستطيع أن أقول إنها ظاهرة منتشرة ومتكررة في أكثر من مكان، صحيح أن هناك مبالغات في الشكوى من بعض الموظفين، وهناك التزام للمصلحة العامة من بعض المسؤولين والمديرين، إلا أن التعديلات الهيكلية تحتاج إلى إعادة نظر، وتحتاج إلى لجان داخلية «مستقلة» في كل دائرة كي تراجعها وتدرسها وتُعدلها وفقاً لمصلحة العمل، ولجان أخرى رقابية من المجلس التنفيذي أو دائرة الموارد البشرية، لتكون عيناً رقابية شاملة ترقب كل خطوة تقوم بها الدوائر بشأن هذه التغييرات، فتقرّها أو ترفضها بناء على المصلحة العامة لا مصلحة «المقربين» من المدير العام!

وكما أن عدداً كبيراً من الموظفين تفاعل مع المقال، وأبدى امتعاضه من ممارسات بعض المديرين المُحبِطة في هذا الشأن، هناك مديرون ومسؤولون أيضاً غير راضين عن آليات تغيير الهياكل التنظيمية، وهم يرون أنها تأتي في صلب عمل الدوائر، لذا فالمسؤولون في الدوائر هم أدرى بحاجتهم إلى التغيير، وعليه فليس منطقياً أن تسحب لجنة تابعة للمجلس التنفيذي هذه الصلاحية، وتتحكم من دون علم كافٍ في كل إجراء أو تعديل على الهياكل، كما أنهم يرون أن هناك صلاحيات عديدة سُحبت من المديرين العموم، وهي تؤثر بشكل كبير في قراراتهم وفي عمل الدوائر التي يديرونها، وأهم هذه الصلاحيات هي التوظيف، واستحداث الشواغر الجديدة، ما يؤخر إجراءات التوطين واستقطاب الشباب للعمل في هذه الدوائر!

ملاحظة أخرى تلقيتها من مسؤول كبير في التميز المؤسسي والجودة، فهو يرى أن اعتماد الدوائر على شركات استشارية خارجية لتغيير الهياكل التنظيمية، أمر غير منطقي، فكيف لجهة خارجية لا تفقه في عمل الدائرة شيئاً تأتي في غضون أسابيع لتُغيّر وتضيف وتحذف في الهيكل التنظيمي للدائرة، في حين أن المسؤولين عن التميز في الدوائر لديهم الخبرة الكافية في التعامل مع الهياكل بشكل أفضل من أي شركة استشارات أجنبية، إنه هدر واضح للمال، فمثل هذه الشركات تتقاضى ملايين الدراهم، وهي عملياً لا تفعل شيئاً سوى أخذ المعلومات من الموظفين، ووضعها في جداول وعرضها بأسلوب مشوّق على المدير العام ليصفق لهم ثم يدفع لهم!

التفاعل مطلوب، والاستماع للجميع أمر جيد، لكن بشكل عام تحتاج الدوائر إلى آلية واضحة لتقييد التغييرات والتعديلات على هياكلها التنظيمية، فليس معقولاً ولا منطقياً أن تتم التعديلات بطريقة سريعة ومتعددة في فترة زمنية قصيرة، هذا لا يتناسب أبداً مع التخطيط الاستراتيجي والرؤية المستقبلية التي يجب أن تتحلى بها الدوائر، وليس طبيعياً أبداً أن تُفصَّل التغييرات على أسماء الأشخاص، ففي ذلك ضرر كبير على مستقبل الدائرة، وفيه إحباط للموظفين المتميزين، أليس من العدالة أن يتوقف المسؤولون عن هذا الفعل؟!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر