أبواب

خيمة الإعلام

أحمد حسن الزعبي

اختتم منتدى الإعلام العربي، الأسبوع الماضي، دورته الـ16 بحضور كبير لمختلف وسائل الإعلام العربية، كان المنتدى يشبه قهوة «الإسبريسو» قصيراً ومكثّفاً لكن بنكهته المميزة، فكان قادراً على إحداث الصحوة ولفت الانتباه إلى مهنة المتاعب وتحدياتها.. في يومين فقط اجتمعت عشرات وسائل الإعلام المختلفة، من قنوات فضائية وصحف وإذاعات ومواقع إلكترونية ومئات من الإعلاميين والصحافيين، في فصل يشبه فصل الربيع الذي يريح الأعصاب، ويفتح النفس للعمل من جديد بعد موسم طويل من الإرهاق والبحث عن الخبر والمعلومة، والصدام أحياناً مع «المنع» والرقابة السياسية في مهنة المتاعب التي لا تنتهي.

جميل أن يشعر الإعلامي والصحافي العربي بأن ثمة «خيمة عربية» يستطيع الوقوف تحتها إذا عاقبته شمس الصعوبات، أو تلقى زخة من التحدّيات والإحباطات أثناء الترحال اليومي في البحث عن الحقيقة، كنت أراقب الزملاء المشاركين الذين يقفون تحت المظلات /‏‏ على طاولات الاستراحة، وهم يتبادلون الأرقام وبطاقات التعارف، وتتعالى ضحكاتهم أثناء الحديث عن الهم المشترك والآثار الجانبية للمهنة، وقلت في نفسي لقد نجح نادي دبي للصحافة، للعام السادس عشر، في أن يجعل دبي «خيمة الإعلام»، التي تجمع كل المشارب الإعلامية في زمن الانفكاك والفتور والقطيعة العربية العربية في كل شيء.

لست بصدد تقييم درجة نجاح المنتدى بكل محاوره، فهذه مهمّة القائمين عليه، لكنني متأكد أن استمرار وجود جائزة الصحافة العربية على هامش المنتدى نجاح في حدّ ذاته، فيه من تحفيز للصحافي العربي المنسي في المكاتب الخلفية لإدارات التحرير، للمصوّر الذي يحمل «كاميرته» كما يحمل الصياد بندقيته، لرسام الكاريكاتير الذي يغزل من خطوطه لوحة وجع إنساني، للمقموعين من مؤسساتهم، أن هناك من يقدر إبداعكم وجهودكم وتفوّقكم وإخلاصكم للحقيقة، ومجرّد أن ينسى «رئيس التحرير» القلم الأحمر الذي يشطب به العبارات ويختزل الجمل الإشكالية ويقف يشرب القهوة ويتقبّل الانتقاد من صحافييه أو كتاب الأعمدة بروح رياضية فهذا نجاح آخر، والنجاح الأهم الذي لمسته في يوميْ المنتدى، أن من كانوا يمارسون الدكتاتورية والفوقية علينا من إعلاميين كبار خلعوا ثوب «البرجوازية المهنية» إلى حدٍّ ما، وصاروا أكثر تواضعاً مع الآخرين.. ربما بفضل الإعلام الجديد الذي جرّدهم من أسلحتهم التقليدية، أو لأنهم شعروا بأن من يرفع الأسوار بينه وبين الآخرين يعيش معزولاً ومسجوناً في زمن الانفتاح.. في المنتدى رأيت «أباطرة» إعلاميين يبتسمون - إيه والله يبتسمون - ولا يمانعون في أخذ الصور مع الآخرين، كما يفعل الجيل الجديد، وهذا نجاح يسجل للمنتدى من حيث لا يدري.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر