مزاح.. ورماح

«سيكل التحفيظ..!»

عبدالله الشويخ

على الرغم من كل «قلة الأدب» في الفريج، التي يمكن أن تتوقعها ممن تعرفه وممن لا تعرفه، مثل أن يأخذ موقف سيارتك الذي توجد أمامه 60 لوحة تقول إنه موقف خاص.. ومثل أن يقوم أحدهم بترك «البتس» الخاصة به تعبر عن شعورها بجوار سور منزلكم، ومثل ألا يجد أبناء بعضهم سبورة أفضل من الحائط الخاص بكم، دعك من أولئك الذين يكرهون دجاجكم بلا سبب معروف، أو الذين لا يحلو لهم لعب كرة السلة إلا بتخيل أنوار سوركم سلةً افتراضية.. هناك الكثير من العبث في الفريج.. لكنه كأي فريج آخر لديه قانونه الخاص وغير المكتوب، ومنه سياسة أن «سياكل مال التحفيظ لا تصرق».. نعم بالصاد لكي تعطيها «شوية صياعة»!

فمن المعروف أنك تحتاج إلى «جنزير» قوي وليس «بوعبود» لكي تربط به سيكلك في أي مكان بالفريج، طبقاً لقاعدة فقهاء الفريج: أنت ومالك لفريجك.. لكن الجميع كان متفقاً على أنك سواء كنت مضطراً أو «تصرق» من أجل التسلية فإن السياكل المربوطة بجوار سارية المسجد، التي يأتي عليها الحفاظ لإنهاء حصصهم بين صلاتَي العصر والمغرب، لا تُمس حتى وإن تركت بلا حماية من أي نوع.. إنها سياكل المطاوعة.. وفي سرقتها ذنب مضاعف..

ولذلك فقد كانت صدمة الجميع كبيرة بعد مغرب ذلك اليوم، حين اشتكى أحد صبية حلقة التحفيظ من أن سيكله قد سرق؛ لا شيء أسوأ من أن يشعر الناس بأن أمان حياتهم البسيط، الذي يعتمد فيه كل منهم على جاره ومحيطه، يتآكل لأن واحداً منهم - واحد فقط - يجرؤ على تجاوز الخطوط الحمراء..

الكثير من البسبسة والسؤال والاجتماعات عقدها أولياء الأمور قبل أن يأتي أحد الصغار الذين لديهم «علاقات» مع بعض الأحياء المجاورة سيئة السمعة، ويخبرنا أن السارق لم يكن من فريجنا، وإنما هو من الذين سمح لهم أخيراً باللعب في حديقة الحي التي كانت تشتكي قلة الزوار..

تفرق الجمع بسهولة وسرعة، لأننا نؤمن بأنه طالما سمحنا لفتيان المناطق المجاورة باللعب مع أبنائنا، فلا يجوز أن نلومهم على عدم التزامهم بقوانين الفريج.

هم لا يعرفون هذه القوانين أصلاً، هم لا يؤمنون بهذه القوانين أصلاً، وجميع السياكل بالنسبة لهم واحدة، لا يعرفون خصوصية ما يفكر فيه عيال الفريج، فكيف نلومهم!

مازلت أراقب ذلك الصبي الحافظ وهو يعبر الشارع في كل يوم، على رجليه، هذه المرة وأتساءل: هل سنلومه إذا سبّ أهل الفريج كلهم الذين لا يخجلون و«يصرقون» سياكل التحفيظ؟!

#عبدالله_الشويخ

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر