5 دقائق

عال العال

خالد السويدي

قبل سنوات كنت في زيارة مع وفد الهلال الأحمر الإماراتي إلى إحدى الدول، تمت زيارة المستشفيات ودور الأيتام والملاجئ وغيرها برفقة مسؤولين رسميين من هذه الدولة، للوقوف على الاحتياجات الضرورية التي يمكن توفيرها على وجه السرعة لسد النقص في الأدوية، والتجهيزات الطبية المختلفة.

•التصريح بأنّ كل شيء زين عند التقصير، فهذا من وجهة نظري الشخصية أمر غير مقبول.

لفت انتباهي شيء غريب، إذ لاحظت على سبيل المثال أن مدير دار الأيتام يصر على أن كل شيء متوافر للأيتام، ولا يوجد أي نقص والأمور في الدار عال العال، ومدير مستشفى الأطفال يوضح أن الدواء متوافر للجميع، والعيادة تتسع للمراجعين مع أنه يرقد على كل سرير طفلان أو ثلاثة!

المرافقون كانوا يحثون المديرين على التصريح باحتياجات المستشفيات والعيادات، هناك من كان يتحدث بصراحة وشفافية، وهناك من كان يتردّد في الحديث إما خوفاً من العقاب، وإما ليظهر أن المكان الذي يديره لا ينقصه أي شيء.

قد لا ألوم أولئك الأشخاص على خوفهم من الحديث، وقد ألتمس العذر لهم فهم لا يعلمون ما قد يحدث لهم لو صرحوا علانية بوجود نواقص في هذا البلد، لكني في المقابل أستغرب كل الاستغراب عندما يعمد البعض في دولة الإمارات إلى المجاملة والهروب من المسؤولية، شعاره وحديثه: كل شيء زين! وإن تجرّأ وتحدث بصراحة فإنه يرفض ذكر اسمه.

يحدث نقص في معلمي وزارة التربية لأشهر طويلة من دون أن يتم الاعتراف بذلك، تتردى الخدمات الصحية في عدد من المستشفيات فيخرج المسؤول ليدافع حتى لو كان الخطأ كارثياً لا يقبل أي تبرير، وهناك العديد من المشاهد والمواقف التي نقرأ ونسمع عنها بين حين وآخر.

أفتخر بوطني وقادتي وكل ما فيه ولا أقبل المساس به، لكن لا يعني ذلك السكوت عن أي تقصير، مثلما يخرج المدير في وسائل الإعلام عند تحقيق الإنجازات، ينبغي كذلك أن يظهر للعلن عند وجود الأخطاء ولا ينزوي بعيداً ليوزع الاتهامات على غيره، لقد وصلت دولة الإمارات إلى مرحلة من التقدم لا نملك فيها إلا أن نسير للأمام، نعترف بالخطأ ونعالجه ونستمر في تحقيق الإنجازات، أمّا التصريح بأنّ كل شيء زين عند التقصير، فهذا من وجهة نظري الشخصية أمر غير مقبول.

Twitter: @almzoohi

Emarat55@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر