كل يوم

من هو «غيّاث الهلالي»؟!

سامي الريامي

عاشت دبي، والإمارات بشكل عام، فرحة كبيرة، فرح الصغير والكبير بها، فرحة فوز «تكريم» بسيف الإمارات في ختام مهرجان المرموم التراثي لسباقات الهجن، والفرحة الحقيقية لم تكن لفوز «تكريم» بقدر ما هي مربوطة بفرحة مالك «تكريم»، سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، هذه الشخصية المحبوبة جداً، التي فرحت لفرحها كل الإمارات، وابتهج لبهجتها وسرورها كل من له علاقة مباشرة بسباقات الهجن، وحتى من لا تربطه أي علاقة بها، جميعهم اجتمعوا على حب «فزّاع»، وارتسمت عليهم الفرحة، وجميعهم ردّدوا، وكتبوا، وتبادلوا تلك الكلمة الشهيرة.. «الناموس».

حمدان بن محمد، رجل يعشق التحدي، ويعشق الفوز، واسمه مرتبط بالانتصارات، وفوز «تكريم» بالنسبة له جاء بمذاق مختلف، وخاص جداً، فالتحديات لم تكن سهلة، والمنافسة لم تكن عادية، وميدان التحدي كان قوياً وصعباً، لذا كان أسعد ما يكون بالفوز، لأنه لم يكن فوزاً مجرداً تقليدياً، بل كان تحدياً شخصياً بين حمدان ونفسه، قبل أن يكون مع منافسيه، فهو لا يرضى أبداً بالمركز الثاني، ويعشق الرقم واحد الذي زرعه فيه والده، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، منذ صغره.

ميادين الهجن ليست مجرد سباقات، مخطئ من يعتقد ذلك، إنها عالم قائم بذاته، تزيد فيه البحور والجبال، وتقل فيه السهول، وانتزاع «الرموز» يحتاج إلى كثير من الصبر والجَلد والقوة، ويحتاج إلى شجاعة عند اتخاذ القرارات الصعبة، تظهر فيه الإرادات، وفيه تُصقل المهارات، وفيه الذكاء والدهاء، والحكمة والعِبَر أيضاً.

لذا لا يخلو الأمر من رسائل عديدة، منها ما هو واضح وضوح الشمس، ومنها ما هو مبطن، لكنه « مفهوم» أيضاً، ولعل هناك رسالة استنتجناها من فوز «تكريم»، خصوصاً بعد أن نشر سمو الشيخ حمدان بن محمد على حسابه في «سناب شات» قصيدة صوتية قال في مطلعها:

يالله يا جمهور هجن العاصفة غنّوا

                                      ترى بروق المعزة والنصر لاحت

واللي على ركب هجن العاصفة شنّوا

                                         حروب وافواههم باسرارها باحت

اشوفهم بالنصر عقب الركض هنّوا

                                       من يوم تكريم جات الشوط واجتاحت

الرسالة والحكمة قبل أن تكون في مجمل أبيات الشعر، جاءت في نهاية القصيدة، حيث فاجأ سموه متابعيه بأن هذه الكلمات لـ«غيّاث الهلالي»، وغيّاث هو «مضمر» هجن العاصفة، صاحبة الانتصارات والصولات في عالم الهجن على مستوى دول مجلس التعاون، وهو بالمناسبة شخصية لا يعرفها أحد سوى سمو الشيخ حمدان، وكان سموه قد وعد بالكشف عنه قريباً، لكنه فضّل بعد انتهاء التحدي أن يلقي قصيدة لغيّاث بدلاً من الكشف عنه، وكأنه يقول إن الإنسان بعمله وإنجازه لا باسمه وأصله وفصله، وإنجاز غياث بدا واضحاً للجميع بعد فوز «تكريم»، وهو إنجاز لجميع شعب الإمارات، لذا من الصعب ربطه بشخص معين.

لذا لا داعي لأن يتساءل الناس من هو غيّاث، بل عليهم أن يعرفوا أن عمل الإنسان أهم من اسمه، وتحقيق الانتصارات يحتاج إلى طموح وإرادة، وقيادة ذكية توجه فرق العمل إلى الفوز والانتصار، ومادام حمدان هو مالك وقائد هجن العاصفة، فالانتصار حتماً سيكون له ولفريق عمله، وبغض النظر من يكون «غيّاث»، فنحن نعرف جيداً من هو حمدان، وهذا يكفي!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

 

تويتر