كل يوم

ما حدث.. قبل وبعد يوم الثلاثاء!

سامي الريامي

قبل يوم الثلاثاء الماضي، كان الوضع معقداً تماماً في مركز دبي للتوحد، حيث لا توجد مبالغ كافية لاستكمال المراحل النهائية من مشروع المبنى الجديد الذي يعتبر الأضخم في منطقة الشرق الأوسط، ويستعد لاستقبال كل الحالات المصابة بالمرض من الأطفال المواطنين، المسجلين منذ سنوات عدة على قائمة الانتظار، بل لم تكن هناك مبالغ تكفي لدفع رواتب الموظفين في المركز لمدة شهرين مقبلين!

قبل يوم الثلاثاء، كان الأخ محمد العمادي، مدير المركز، في أسوأ حالاته، فهو في موقف غاية في الصعوبة، ولم تسفر محاولاته ومخاطباته لأكثر من 100 شركة ومؤسسة في القطاع الخاص عن أي نتيجة، لم يلتفت إليه أحد، ولم يتبرع منهم أحد، باختصار كان الوضع سوداوياً للغاية، ومشروع المبنى الجديد، الذي أُنجز العمل في 90% من مرافقه، مهدد بالتوقف تماماً، نظراً إلى عدم توافر أي مبلغ لدفع دفعات المقاول، ولا مبالغ للتشغيل، كما أن خدمات المركز الحالي أيضاً مهددة بالتوقف نهائياً لعدم وجود رواتب للمعلمين والمُدربين والموظفين!

ومع ذلك، لم يكن لدينا أدنى شك في «الإمارات اليوم» في أن الحملة، التي ستطلقها الصحيفة لاستكمال مبنى مركز دبي للتوحد الجديد، ستؤتي ثمارها، وأننا سنصل إلى هدفنا المتمثل في جمع العشرة ملايين درهم اللازمة لاستمرارية العمل في مشروع المبنى الجديد، وإعادة الأمل لإدارة المركز، وأهالي الأطفال المصابين بالتوحد، بعد أن كان العمل مهدداً بالتوقف لانقطاع التبرعات، وصعوبة جمع المبلغ المتبقي، لم يساورنا الشك في جمع المبلغ، لأننا ندرك تماماً أننا في بلد الخير، وفي عام الخير، وفي أنحاء هذا البلد آلاف وآلاف من أهل الخير.

كان الأمل حاضراً بقوة، لكن أكثر المتفائلين وضع فترة زمنية لا تقل عن شهر كامل للوصول إلى المبلغ المستهدف، في حين لم يكن هناك من يتوقع أن ينتهي الأمر في 48 ساعة فقط، هي كل ما احتاجت إليه الحملة لجمع عشرة ملايين درهم، وإعادة الأمل إلى أكثر من 280 طفلاً مصابين بمختلف درجات التوحد!

انطلقت الحملة يوم الثلاثاء الماضي، وفي تمام الساعة السابعة والنصف صباحاً، في اليوم ذاته، تبرعت المواطنة موزة بنت علي الوري بمبلغ مليون درهم، وذلك في استجابة سريعة جداً للحملة، ما فتح باب الأمل على مصراعيه لدى الجميع، وأعاد الحياة والنشاط في أروقة مركز دبي للتوحد، حيث انتشرت البهجة والفرحة لدى جميع العاملين فيه.

وفي صباح اليوم التالي كانت المفاجأة السارة، والفرحة الكبرى، حيث العطاء بسخاء، والخير بلا حدود، حين تبرّع سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، بصفته الشخصية، بكل الملايين المتبقية اللازمة لإنهاء أزمة المركز، سموّه سأل عن الوضع الحالي، وعن المبلغ المتبقي، أجبناه: «إنها تسعة ملايين، هي ما تبقّى لاستمرارية العمل في المبنى وتشغيله»، فأجاب: «اعتبروا الأزمة منتهية، والملايين التسعة مدفوعة!».

أحمد بن سعيد هو نموذج لابن الإمارات البار المهتم بنشر الخير، وتقديم العون للفئات المحتاجة إلى الدعم والمساندة، هذه هي سمات أهل الإمارات، أهل الخير والكرم، إنه خير الإمارات الذي لا ينقطع داخلياً وخارجياً، هذا الخير الذي انطلق مع انطلاقة الدولة الفتية، ووضع أساسه الآباء المؤسسون ليسير على نهجهم أبناؤهم وأحفادهم وجميع أهل الإمارات.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com


لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر