كل يوم

ما وراء قرار حظر الأجهزة الإلكترونية!

سامي الريامي

قرار حظر الأجهزة الإلكترونية الشخصية، الـ«لاب توب» والـ«آي باد»، على عدد من الطائرات، الذي ابتدعته السلطات الأميركية، لا علاقة له بالأمن، وهو بكل بساطة ووضوح قرار مبطن لدعم وحماية شركات الطيران الأميركية العاجزة عن منافسة نظيرتها «طيران الإمارات» و«الاتحاد» ومعهما «الطيران القطري»، من خلال التأثير السلبي المتوقع من هذا القرار في الشركات الخليجية.

لسنا وحدنا من يصرّ على ذلك، بل الأمر مكشوف وواضح، وإقحام الأمن في القضية ما هو إلا مسوّغ لكسب التعاطف، الأميركان بأنفسهم يؤكدون ذلك، فصحيفة «واشنطن بوست» لم تقتنع بالتفسير الأمني لهذا القرار، وأشارت إلى أن التهديدات التي تعرضت لها الولايات المتحدة طوال السنوات الماضية لم تكن من أشخاص ينتمون إلى هذه البلدان التي شملها قرار الحظر، ومن ثم فلا داعي له!

بل إن الصحيفة ذهبت إلى ما هو أكثر من ذلك، حيث نقلت عن الكاتبين في «فايننشال تايمز»، ديمتري سيفا ستوبولو، وروبرت رايت، تشكيكهما في الرواية الأمنية الأميركية، منوهَين إلى أن إدارة ترامب لم تُشِر بصورة واضحة إلى ما إذا كان الحظر يستند إلى معلومات استخباراتية، أم مجرد مخاوف قديمة، متسائلَين بسخرية: «إن كانت الأجهزة الإلكترونية داخل الطائرة، ومع الركاب، مصدر قلق أمني، فهل تلك التي بحزم الأمتعة أسفل الطائرة ليست كذلك؟! وهو ما يدفع إلى التساؤل حول دوافع أخرى لإقدام أميركا على اتخاذ مثل هذا القرار!».

حظر هذه الأجهزة على الطائرة له أبعاد أكبر، وهو بالفعل أمر مؤثر في حركة الركاب، هو ليس شيئاً هامشياً، فالأمر لا يتعلق فقط بوضع الأجهزة الإلكترونية والحواسيب الشخصية بعيداً عن أعين وأيدي الركاب، بل إن ذلك يحمل تهديداً بتلف هذه الأجهزة أو ضياعها، أو ربما تعرضها للقرصنة أو السرقة، فكثير من الركاب فُتحت حقائبهم وسرقت أجهزتهم داخل المطارات الأميركية، وهذا ليس اتهاماً بل حقيقة تعرض لها كثيرون، ورأيناها في لقطات مازالت مثبتة وموجودة على «يوتيوب»!

مدير المنتجات بشركة «ThinAir»، رينيه كولجا، قال في تصريحات له: «بمجرد تخليك عن كمبيوترك المحمول، فإن جميع الاحتمالات ممكنة، إذ يمكن تحميل البرامج الخبيثة، أو برامج التجسس، ورغم أن البضائع المشحونة تمرّ بفحص الأجهزة السينية، إلا أن موظفي الجمارك يسمح لهم بفتح أي حقيبة، وتفحص محتوياتها، ومن المحتمل أن يقوم أي فرد بالتلاعب بأجهزتك من دون علمك، ويمكن لأي شخص أخذ المعلومات من كمبيوترك المحمول خلال ثوانٍ باستخدام وصلة USB خبيثة!».

هذه الأمور كافية جداً لإحجام عدد كبير من الركاب عن الحجز على شركات الطيران المفروض عليها القرار، وتالياً فالفرصة ستصبح مواتية لاستخدام شركات طيران أميركية أو أوروبية بديلاً أكثر أمناً على الأجهزة الشخصية، والعدد لن يكون قليلاً، فلا أحد يستغني عن أجهزته الشخصية، فضلاً عن رغبة عدد كبير من رجال الأعمال في استغلال وقت رحلاتهم لإنجاز أعمالهم عبر أجهزة الـ«لاب توب» والـ«آي باد»، وهذا هو بالضبط هدف القرار، ولننسَ جميع التفسيرات الأخرى المضحكة التي تسوقها السلطات الأميركية!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر