كل يوم

«أميركا أولاً» ولا علاقة للأمر بالأمن والسلامة!

سامي الريامي

حقيقة واحدة غابت عن السلطات الأميركية، عندما قررت منع المسافرين من حمل أجهزة الكمبيوترات المحمولة والـ«آي باد»، على متن طائرات ذات رحلات مباشرة إلى الولايات المتحدة من ثمانية مطارات، بينها مطار أبوظبي الدولي، ومطار دبي الدولي، بحجة إجراءات إضافية للأمن والسلامة، واحتمالية وجود تهديد من وجود هذه الأجهزة بيد الركاب على الطائرات، هذه الحقيقة هي أن مطارات الإمارات بإمكاناتها وأجهزة الكشف والرقابة المتطورة فيها أكثر أمناً من جميع مطارات أميركا، ومطارات أوروبا أيضاً، بل ومطارات العالم جميعاً!

هي ليست مجاملة، ولا مبالغة، وهذا ليس استنتاجاً، ولم تتدخل هنا العاطفة والتحيز، إنها تقارير دولية موثوقة ومعتمدة من برامج عالمية تابعة للمنظمة الدولية للطيران المدني «إيكاو»، حيث حققت الإمارات المركز الأول على مستوى العالم في تطبيق معايير أمن الطيران، وذلك بعد أن خضعت الدولة أخيراً للبرنامج العالمي للتدقيق على أمن الطيران المدني التابع للمنظمة الدولية.

‎وأخطرت «إيكاو» الهيئة العامة للطيران المدني في الدولة، باجتياز الإمارات لعملية التدقيق بنجاح بنسبة 99.53%.

‎وبهذه النتيجة، أصبحت الإمارات من أولى الدول تصنيفاً ضمن البرنامج العالمي للتدقيق على أمن الطيران المدني لعام 2016، من خلال استيفاء متطلبات أمن الطيران المدني بنسبة 99.06%، وأحكام أمن الطيران المدني بنسبة 100%.

‎وتضمنت مراحل التدقيق، الإطار التنظيمي والنظام الوطني لأمن الطيران المدني في الدولة، تدريب أفراد أمن الطيران المدني على مهام مراقبة جودة أمن الطيران، عمليات أمن المطار، أمن الطائرة والأمن أثناء الطيران، أمن الركاب والأمتعة، أمن البضائع والبريد وتموين الطائرات والاستجابة لأفعال التدخل غير المشروع، بالإضافة إلى أحكام الملحق التاسع، التسهيلات المتعلقة بأمن الطيران المدني.

إنه أمر مضحك حقاً، وكان على السلطات الأميركية إجادة سيناريو المسرحية قبل الإعلان عنه، فالأمر واضح لا لبس فيه، إنه الاقتصاد لا الأمن، وهي المصالح لا السلامة، والأمر يتعلق بحماية ودعم شركات الطيران الأميركية، ومحاولة عرقلة منافِسَتها شركات الطيران الخليجية الناجحة، بعد أن سيطرت الأخيرة بفضل تميزها ونجاحها على أسواق العالم، شرقاً وغرباً، واستطاعت التفوق على كل شركات الطيران الأميركية، خلال السنوات القليلة الماضية، واستقطبت أكثر من 70% من السوق الأميركية!

الأميركان يعيشون حالة من انفصام الشخصية، وذلك بفضل تفوق شركات الطيران الإماراتية بشكل خاص، وبطريقة تجعل شركات الطيران الأميركية عاجزة وشبه مشلولة أمامها، حالة الانفصام هذه جعلتهم يواجهون صراعاً نفسياً في القناعة بقوانين الرأسمالية التي يحاولون تطبيقها عنوة في جميع أنحاء العالم، لتسهيل غزو البضائع الأميركية للعالم، وتسهيل عمل الشركات الأميركية لتعظيم أرباحها في مختلف القارات، وفي تجاهلها ومخالفتها في عقر دارهم، عندما تكون الرأسمالية سلاحاً مفيداً في يد جهات أو شركات غير أميركية، لذلك كان الأمن هو الشماعة الواهية التي يحاولون بها التغطية على مرضهم النفسي، وعلى جنون الانحياز وراء مصالحهم الضيقة فقط!

إنه مسلسل لن ينتهي، وأتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من التقييد، وهذا ببساطة لأن شركتي «طيران الإمارات» و«الاتحاد» ستظلان متميزتين وقويتين، ولن تستطيع أي شركة أميركية اللحاق بهما، لذا فإن الصراخ و«الزن» في أذن الإدارة الأميركية سيتواصل لتقييدهما وعرقلتهما، وهذا بالضبط ما حدث قبل إصدار القرار الأخير، حيث تقدم رؤساء شركات الطيران «دلتا» و«يونايتد» و«أميركان إيرلاينز» بعريضة إلى وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، احتجاجاً على شركات الطيران في الإمارات وقطر، مناشدين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشعار «أميركا أولاً»، وجاءت الاستجابة سريعاً على شكل قرار يحظر حمل الكمبيوترات وأجهزة الـ«آي باد» في قمرة الطائرة، وذلك بعد أن عرفت الشركات أن أكثر من 30% من رجال الأعمال يفضلون إنهاء أعمالهم عبر هذه الأجهزة على متن الطائرة! إنها المصالح الاقتصادية فلا تحدثونا عن الأمن، وهي «أميركا أولاً» على حساب رفاهية الركاب وحصولهم على خدمات راقية وبجودة عالية، ولا علاقة للأمر بالسلامة!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر