لحظة

مُستقبل الإمارات

ياسر حارب

تحدثتُ قبل أيام في «سناب شات» عن برنامج «لحظة» الذي أُقدمه كل عام في رمضان، وعن برنامج علمي جديد أقومُ بإنتاجه حالياً لقناة عربية أخرى، سيقدمه شابٌ إماراتي واعدٌ، ومهتم بعلوم الفضاء. فوصلتني رسالة من مجموعة من الشباب والفتيات، يقولون إننا قد «بالغنا» في الإمارات، بالمشاريع التي أطلقتها الحكومة. فلدينا - حسب كلامهم - مركز للفضاء، وخطة للوصول إلى المريخ بحلول عام 2021، وأخرى لاستعمار الكوكب الأحمر في 2117. ولدينا مُفاعل «براكة» للطاقة النووية السّلمية، ومدينة مصدر، وفعاليات طوال العام، يتحدث معظمها عن المستقبل وتمكين الشباب.

قرأتُ الرسائل، وقلتُ في نفسي: «حقاً.. إن هناك نموذجاً عربياً جديداً، يُصنع هنا في الإمارات». وتذكرتُ مقولة والدي الشيخ محمد بن زايد - حفظه الله - في سياق حديثه عن الشباب والتعليم عندما قال: «إذا كان استثمارُنا اليوم صحيحاً، فسنحتفل بتصدير آخر برميل بعد خمسين عاماً».

واليوم تُختتمُ أعمال «مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل» الذي اجتمع فيه آلاف الطلبة من مختلف جامعات الدولة، ليستمعوا إلى نُخبة من المسؤولين والخبراء من مختلف المجالات، من الإمارات وشتى المؤسسات العالمية. الجميل في هذا الحديث أنه يُعزز ما تتحدث عنه حكومة الإمارات وقيادتها «المستقبل والشباب»، حيث عُقِدَت ورش عمل خاصة بالابتكار والتفكير الإبداعي لإيجاد حلول لتحديات مستقبلية في مجالات حيوية كالنقل والتعليم. وتمّت جلسات عصف ذهني مع الطلبة لإيجاد حلول مبتكرة، بالتعاون مع كمبيوتر IBM الذكي «واتسون»، ليتمكنوا من التخطيط للمستقبل بأدواته الحديثة، وليس بالورقة والقلم.

للشيخ محمد بن زايد كلمة جميلة، يُرددها في حديثه دائماً، وهي «يا عيالي»، ليخاطب بها شباب وفتيات الإمارات. وإذا جلستَ معه فلن تشدّ انتباهه بالحديث عن الأموال والاستثمارات، بل بالحديث حول الأفكار الجديدة، والفلسفة، والتنمية البشرية. كنتُ جالساً على مائدته الرمضانية، وكان يجلس بجانبه مدير وكالة الفضاء «ناسا»، تشارلز بولدين، ولأربعين دقيقة، كان الحوار حول مستقبل البشرية، وكيف ستبدو الحياة في العقود القادمة.

لا يحتاج الشيخ محمد بن زايد ثناء مِنّي، فكلكم تعرفونه جيداً، ولكن مبادرة مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل، أتت لتؤكد للشباب، في مختلف مجالاتهم وأعمارهم، بأنهم رُكنٌ أصيل في حِراك التنمية الذي يعد محوراً رئيساً في خُطط الإمارات الاستراتيجية. ولعل هذه التجربة تُلهمَ الدول العربية لكي تحتوي شبابها، وتُشْرِكهُم في التخطيط للمستقبل، وتُعِدّهم بأساليب العصر، حتى يكونوا مواطنين فاعلين، وليسوا مستهلكين فقط.

في نهاية الكلمة التي ألقاها الشيخ عبدالله بن زايد في افتتاح الحدث، قال وهو يتحدث إلى الطلبة: «إن مَن صَنَعوا التغييرات الكُبرى في الحياة ليس الذين تعلّموا أكثر، بل الذين كانوا جادّين في حياتهم أكثر، أتمنى من أبناء وفتيات الإمارات أن يدركوا بأنهم بعد كل هذه الفرص المُتاحة أمامهم، وهذا الاهتمام الذي نالوه في سِنٍّ مبكرة، أنهم أمام مسؤولية كبيرة، ومهمة غالية، هي دفع هذا البلد العظيم ليتقدم ركب الحضارة الإنسانية. ولن يتأتّى ذلك إلا بأن يكونوا جادّين ومثابرين في حياتهم، ومخلصين في أعمالهم».

yasser.hareb@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر