5 دقائق

الكلمات الصغيرة

الدكتور علاء جراد

بداية أود أن أشكر كل القراء الأعزاء الذين أرسلوا بتعليقاتهم حول مقال «الأشياء الصغيرة»، وقد استوحيت مقال اليوم من أحد هذه التعليقات، حيث قد يحتاج الإنسان في أوقات معينة لمجرد كلمات، شريطة أن تكون تلك الكلمات صادقة ونابعة من القلب، فقد يحتاج إنسان إلى كلمة طيبة تشجعه على الاستمرار وعدم الاستسلام، وقد يحتاج الإنسان إلى كلمة تؤكد له أنه على الطريق الصواب، فلا ييأس ولا يتردد، أو يركن لمن يحاولون إحباطه. فكلمة واحدة أو جملة قد يكون لها مفعول السحر، حيث تمنح الإنسان طاقة إيجابية، وتوقد عزيمته وإصراره. وقد نغفل جميعاً في معترك الحياة، والانشغال بأمورنا، عن أن نقول هذه الكلمة لمن يحتاجها، وهي لا تكلفنا سوى أن نقولها بصدق ونعنيها.

ومن ناحية أخرى، نحتاج إلى أن نفكر أولاً قبل أن نتكلم، فمنا من يتكلم أولاً ثم يفكر، وبعض الكلمات قاسية كالسهم المسموم، فبمجرد خروجه من قوسه لا يمكن إرجاعه، مهما حاولنا، ومهما قدمنا من اعتذارات، فهناك جروح لا تشفى بالاعتذار، بل قد لا تكون هناك فرصة للاعتذار، وقد رأيت أناساً يعيشون في حسرة دائمة، لأنهم تفوهوا بكلمات ما كان ينبغي أن تقال لأحبائهم، وعندما أرادوا الاعتذار كان القدر أسرع منهم، فلنكن أكثر حكمة، ولننتبه لكلماتنا، فالكلمة قد تكون الداء، وقد تكون الدواء، وطريقة استخدامنا، وتوقيت استخدامنا للكلمة، هو العامل الرئيس في تطويع هذه القوة السحرية.

ولنتذكر دائماً قول المولى عز وجل: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ». (سورة إبراهيم 24)، وفي الآية 26 «وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ». فالكلمة الطيبة صدقة، كما قال رسولنا الكريم، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وَقَالَ أيضاً: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ..»، فالكلمة الطيبة لا تفيد من يسمعها فقط، بل تعود بالفائدة والنفع على قائلها أيضاً، ولا شك أننا نعلم ذلك، وهو مستقر في وجداننا، لكن تبقى المشكلة وهي أن أفعالنا أحياناً، ولأسباب عديدة، تخالف ما نحن مقتنعون به، وما هو مستقر في وجداننا، فكم سيكون رائعاً أن نتدبر فيما يدور حولنا، ونخصص جزءاً من وقتنا لنقول كلمة طيبة وصادقة، والسؤال عن الآخرين، حتى ولو لم نعرفهم، ولا تربطنا بهم صلة، فنحن جميعاً بحاجة لبعضنا بعضاً. إن كلمة واحدة قد تأخذ الإنسان إلى عنان السماء، وقد تهبط به إلى أسفل الأرض، فلنحرص دائماً على الكلمة الطيبة الصادقة.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر