كل يوم

خطأ وعقوبة وتوبة.. وانتهى الأمر!

سامي الريامي

«بدايةً أشكر لك حرصك على نشر الوعي العام، لتلافي سلبيات سلوك مراهق (سيتي ووك)، وعدم تكرارها من الغير».

هذه بداية رسالة وصلتني عبر البريد الإلكتروني، ورغم وجود عشرات الرسائل الأخرى، التي تحدث أصحابها عن هذا الموضوع تحديداً، إلا أنني لم أتطرق إلى أيٍّ منها، في حين رأيت ضرورة استعراض ونشر هذه الرسالة تحديداً، فهي ليست من قارئ عادي، بل هي من «والد مراهق سيتي ووك».

من الضروري أن نسمع وجهة نظره، ومن المهم أن نعرف تفاصيل وقع العقوبة على ابنه، لكن قبل هذا وذاك، لابد من شكره وتقديره واحترامه، على ثقته وموقفه واقتناعه بحجم الخطأ الذي صدر من ابنه، فلم تأخذه العزة بالإثم، ولم ينجرّ وراء عاطفة الأبوة، ليدافع عن ابنه ظالماً أو مظلوماً، فهو يقول في رسالته: «أنا كأبٍ، أؤيد قرار سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في تطبيق الخدمة المجتمعية على ابني ورفاقه، لكن أرجو من الإعلاميين والمجتمع، الأخذ بيد هؤلاء الشباب، وأن يشجعوهم لبناء مستقبلهم، ويتجاوزوا ما حدث، فهم نواة مع أقرانهم لخدمة الإمارات، وما حدث لهم هو درس في خضم هذه الحياة الصعبة».

ويضيف: «أخي، مجتمعنا لا يرحم، والكل بدأ يستهزئ بهم، ولا يقدر مشاعرهم، فهم مراهقون، ولم يقدّروا العواقب، فابني لم يتجاوز 16 عاماً إلا منذ أيام، وفعل ما فعل كي يثبت ذاته، أُدرك تماماً أنه أخطأ، وأنه يستحق العقوبة التي نالها، ولكنني أرسلت لك هذه الرسالة، لما رأيته في ابني من توبة وندم، ومحبة لدبي وحاكمها الشيخ محمد بن راشد، فهو يقول: (لو يطلب رقابنا نحن فداء له)».

من هذه الرسالة نستطيع أن نستشفّ ونؤكد، بكل ثقة، أن قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، بتطبيق الخدمة المجتمعية على هؤلاء المراهقين كان قراراً صائباً، والعقوبة كانت رادعة، وأحدثت هزة إيجابية لدى هؤلاء الشباب، فشعروا بالندم، وقرروا التوبة، وعدم الرجوع لمثل هذا الفعل مرة أخرى، ولاشك في أنها ستؤثر في غيرهم أيضاً، وهذا يعني تحقيق الهدف من العقوبة.

وفي الوقت ذاته، نؤكد أيضاً أن حقيقة المراهقين وصغر سنّهم لم تكن غائبة أبداً عن تفكير سموه، لذلك أبعدهم عن السجن، الذي كان من الممكن أن يؤثر سلباً في مسار مستقبلهم كاملاً، لذلك ما حدث يعتبر مفترق طرق في حياتهم، أعطاهم درساً، وأعطاهم فرصة جديدة لبقائهم في دائرة الاستقامة والإنتاج والعمل لخدمة الوطن والمجتمع.

على هؤلاء المراهقين تجاوز ما حدث، والتركيز على مستقبلهم، فهم ليسوا بمجرمين، ولم تسجل عليهم سابقة جنائية، هم أخطؤوا، ونالوا عقوبتهم، ومن ثم ندموا وقرروا عدم العودة إلى عالم الاستعراضات المتهورة، إلى هُنا وانتهى الأمر، لذلك فإنني أضم صوتي إلى صوت الأب، وأطالب المجتمع بعدم القسوة عليهم، بل باحتضانهم مرة أخرى، ودعمهم وتشجيعهم لبناء مستقبلهم في مجال نافع لهم ولأسرتهم ولبلدهم.

وفي النهاية، أُعيد المطالبة باستصدار قانون الخدمة المجتمعية، كبديل عن السجن لكثير من المتهورين والمخالفين، وأصحاب الجُنح والقضايا البسيطة، فهي أفضل وأشد ردعاً من الجلوس خلف القضبان!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر