5 دقائق

الأشياء الصغيرة

الدكتور علاء جراد

من النادر، إن لم يكن من المستحيل، أن يوجد إنسان بلا مشكلات أو هموم، فالمشكلات هي ملح الحياة، ويمكن أن نتعلم منها الكثير، وبالتالي نحسّن من ظروف معيشتنا، ولأن الإنسان كائن اجتماعي فإنه يؤثر ويتأثر بالآخرين، بل إننا أحياناً نتأثر بالآخرين ونؤثر فيهم بطريقة قد تغير مسار الحياة. ولاشك أن الضغوط والتوتر يزدادان يوماً بعد يوم لدرجة أن الإنسان قد يفقد تركيزه ويفقد الاهتمام بما يدور حوله، بل يفقد الإحساس والمتعة بأي شيء، وتزيد المشكلات الصغيرة من هذا التوتر، وقد تكون صغيرة بمعنى الكلمة ولكنها تفجر بركان الغضب أحياناً، فقد تحدث مشاجرة كبيرة بسبب أولوية الحصول على مكان لصف السيارة، وقد تحدث مشادة بين الزوجين بسبب أمور تافهة يمكن تحملها والتغاضي عنها.

جميعاً بحاجة إلى أن نحنو على بعضنا بعضاً ونساعد بعضنا بعضاً، وإن لم يتسنَّ ذلك بأفعال كبيرة، فعلى الأقل يمكن القيام بأشياء صغيرة قد لا تكلفنا شيئاً.

إننا جميعاً بحاجة إلى أن نحنو على بعضنا بعضاً ونساعد بعضنا بعضاً، وإن لم يتسنَّ ذلك بأفعال كبيرة فعلى الأقل يمكن القيام بأشياء صغيرة قد لا تكلفنا شيئاً، فمثلاً إحدى الزميلات بالعمل قررت أن تفعل شيئاً بسيطاً كل يوم، أو حتى كل أسبوع، وبدأت بعاملة النظافة بالمكتب، المتجهمة دائماً ولا تهتم بأحد، وكذلك لا أحد يهتم بها، فهي تعمل بصورة روتينية تماماً ومن دون روح، وقد عرفت الزميلة تاريخ ميلاد هذه العاملة وصادف أنه خلال أيام، فرتبت لها حفلاً بسيطاً في المكتب، ونسقت مع الزملاء لعمل مفاجأة لهذه العاملة، وبالفعل كانت مفاجأة عمرها، حيث انفجرت في البكاء ولم تصدق أن هناك من يهتم بها، ووسط الدموع قالت لهم إن هذه هي المرة الأولى في حياتها التي يتم الاحتفال بعيد ميلادها، وقد أصبح هذا الموقف بمثابة نقطة تحول في حياتها، فبدأت تهتم بالجميع، وأصبحت تلبي طلباتهم قبل أن يطلبوها، وفي المقابل أصبح الجميع يتبارى في مساعدتها عند الحاجة.

هناك العديد من الأشياء البسيطة التي يمكن أن نقوم بها، مثل محادثات قصيرة مع الزملاء، ومن نتعامل معهم، نسألهم عن أولادهم وعن أهلهم، نسألهم بإخلاص واهتمام وليس بصورة روتينية، وكذلك المشاركة في المناسبات الاجتماعية، يمكن أيضاً التبرع بما تيسر لأي شخص أو جهة تستحق، فكل يوم يموت 22 ألف طفل حول العالم بسبب الفقر والجوع والأمراض، فتبرع بسيط لن يؤثر كثيراً في ميزانيتنا، وما نقص مال من صدقة، الأشياء الصغيرة كثيرة ومفعولها فوري وينعكس إيجابياً، وتتسع الدائرة حيث ينقل الشخص الطاقة الإيجابية للآخرين، ولنمتثل لقول رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق».

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر