كرة قلم

جزء من النص مفقود!

حسن الجسمي

سيدي رئيس تحرير «الإمارات اليوم»، يوماً ما كان هناك لاعب من أفقر ضواحي الأرجنتين ذهب ليحترف في إنجلترا، في أول لقاء صحافي قال: «لولا كرة القدم لكنت الآن مدمن مخدرات»، هذا اللاعب يدعى كارلوس تيفيز. مرت الأيام وأصبح نجماً لامعاً، حتى إنه انتقل للصين قبل أشهر قليلة بقيمة «جنيه إسترليني لكل دقيقة يقضيها في الدوري» ما يعادل 80 مليون جنيه للعام الواحد.

كرة القدم في السابق كانت لهدف الرياضة، الآن تغيرت كثيراً وأصبحت للرياضة قليلاً وللتجارة أكثر وأكثر، ففي إيطاليا مثلاً التي تعد ضمن الدول العظمى الثماني، وبعد الصناعة والسياحة، وجدوا أن كرة القدم أسهمت في زيادة دخل الحكومة لتحتل المركز الثالث في دعم ناتجها المحلي، لكنهم لم يهتموا بها، وفكروا في جلب النجوم ودفع رواتب خيالية من دون الاكتراث للاستثمار فيها، ليتراجعوا في خارطة الكرة العالمية بعد أن كانوا أسيادها!

في كرة القدم وفي الدول المتقدمة بها هناك مؤشرات أداء لكل لاعب.

في كرة القدم من الطبيعي جداً أن يكون راتب اللاعب عشرين ضعف راتب الطبيب والمهندس كما أسلفت، لأن اللاعب سلعة اقتصادية تحركها شعبية اللعبة الجارفة، لكن ذلك يجب أن يكون عقلانياً، وأن يكون مردود اللاعب اقتصادياً يوازي راتبه، فقميصه الذي يباع يجب أن يجلب المال، وتعاقداته مع الشركات الدعائية يجب أن تجلب المال، وكل خطوة يخطوها يجب أن يتبعها دولار يتسبب في زيادة دخل النادي الذي يدفع له راتباً يوازي راتب سبعة وزراء كما قلت.

سيدي رئيس التحرير، في كرة القدم ادفع كما تشاء، لكن يجب أن تكون العوائد أكثر من المصروفات، تماماً كما تدفع الشركات المالية والاقتصادية راتباً خيالياً لرئيسها التنفيذي أو مدير التسويق لأنهما يجلبان أرباحاً يسيل لها اللعاب!

سيدي رئيس التحرير، في كرة القدم وفي الدول المتقدمة بها هناك مؤشرات أداء لكل لاعب، تماماً كما تفعل الدوائر والشركات مع موظفيها، وبناء عليها يتم تقييم قيمته السوقية وراتبه وحوافزه، لكن نحن مازلنا نمشي على النظام البدائي الذي يحدده عدد العروض التي يمتلكها، وفي الأخير يذهب لمن يدفع أكثر!

كم أتمنى أن نضع معايير ثابتة لتقييم رواتب وقيمة وأسعار اللاعبين حتى نجد مخرجاً من هذا المأزق، بحيث نضع نسبة مئوية لكل لاعب، وهو يعتبر مؤشراً إلى أدائه، فمثلاً 30% منها يحددها أداء اللاعب داخل الملعب في المسابقات الرسمية بناء على قياسات علمية دقيقة، و20% للسلوك الانضباطي داخل الملعب وخارجه، و20% للمسؤولية المجتمعية، لأن هناك تأثيراً خارقاًَ للاعبي كرة القدم في المجتمع، و30% لمؤشرات أدائه والتزامه وتفانيه مع المنتخبات الوطنية، فكلما زادت النسبة يزيد الراتب سنوياً، وتزيد قيمته من موسم لآخر.

بعد كل ذلك لدي أمنية أتمنى أن تتحقق، هي أن يتم تغيير نظام كرة القدم واستنساخ التجربة الألمانية، بحيث تكون حصة المستثمرين والقطاع الخاص 49% في الأندية، والنصف الآخر يبقى مملوكاً للحكومة، لضمان تحويلها إلى شركات مستثمرة، وفرض ضرائب رياضية مباشرة عليها، لتسهم في زيادة دخلها بنفسها، وتسهم في زيادة الدخل القومي.

آخر تغريدة:

الرواتب واللاعبون جزء من «اللعبة»، لكنّ هناك «جزءاً من النص مفقوداً»!

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر