أبواب

دوران العقال..

أحمد حسن الزعبي

بعض المسلسلات القديمة رسمت في أذهاننا صورة الأب المتسلّط، الذي يحكم البيت بدكتاتورية مطلقة، يفزع الأم بصراخه وميزاجيته، ويقسو على الأبناء المهذّبين، وعندما تبلغ إحدى بناته في المشهد التمثيلي سن الزواج، حتماً سيجبرها على الزواج من شخص لا تحبه.

ولازالت صورة الأب وهو يرفع «العقال» مهدداً ابنته الرقيقة بالضرب ما لم توافق على رجل أكبر منها عمراً طمعاً في ماله وبثرائه الفاحش، ملتصقة تماماً بجدار ذاكرتنا الذي لايزول، رغم كل تشققاته، فتتزوج ويحزن جارها أو زميلها في الكلية لما جرى، ثم يتوفى الزوج الثري، وتصبح أرملة شابة.. الخ الحكاية التي كانت تقفز من اسم مسلسل إلى اسم مسلسل آخر.. طبعاً هذه الصورة الخاصة بالأب «حامل العقال» لم أصدفها أو أسمع عنها في حياة الناس العاديين، وإنما هي رؤية مخرج غالباً لتضخيم قسوة السلطة وتحالفها مع رأس المال.

على أية حال لم يعد للأب سلطة في الواقع، حتى الذي كان يحاول إقناع ابنته بالحسنى والموعظة الارتباط بصاحب الخلق والدين والحسب والنسب، تلاشى هذا المجهود وهي التي صارت تحاول إقناعه بالموافقة على مصاهرة الشاب الذي تعرّفت عليه، وأصبح الأب مجرد عضو في الإجراء البروتوكولي لإتمام عملية عقد القران.. فقد انتهت الصورة إلى غير رجعة للفتاة المتردّدة التي تجلس في زاوية البيت والأب يحاول أن يشرح لها مزايا المتقدم، مبيناً لها أوجه مصلحتها بهذا الزواج.

- يا بنتي الله يرضى عليك، لا تخليني أزعل منك.. الشب كويس خلوق ومتدين ومقتدر مادياً وابن ناس.. ما في شيء يتعيّب.. شو قلت.. موافقة؟

- البنت: بكير لما أخلص دراسة بفكر في الزواج.

- الأب: ادرسي وأنت في بيت زوجك وين المشكلة؟

- البنت: خليني أفكر.

- الأب: معك اليوم فكري.. وذنبك على جنبك.

- يغلق الأب الباب خلفه بقوة.. وتدخل البنت بنوبة بكاء.

الآن:

الأب يجلس في زاوية البيت.. والبنت تحاول أن تشرح له مزايا المتقدم لها وأوجه مصلحتها بهذا الزواج.

- البنت: يابا الله يرضى عليك.. لا تخليني أزعل منك.. الشب كويس وخلوق ومتدين ومقتدر ماديا وابن ناس ما في شيء يتعيب.. شو قلت؟ موافق؟

- الأب: بكير بعدك ع الزواج يا بنيتي.. لما تخلصي دراستك فكري في الزواج.

- البنت: بدرس وأنا في بيت زوجي وين المشكلة؟

- الأب: خليني أفكر.

- البنت: معك اليوم فكر فيه.. وإذا ما وافقت ذنبك على جنبك.

- تغلق البنت الباب خلفها بقوة.. ويدخل الأب في نوبة بكاء.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر