كل يوم

تعويض الخسائر من جيوب المتعاملين!!

سامي الريامي

إرجاع سبب قرار زيادة أسعار التأمين على السيارات إلى وجود 16 شركة تأمين تعاني خسائر كبيرة، أمر غريب، فهل تعويض خسائر هذه الشركات هو مسؤولية جماعية لأفراد المجتمع عليهم أن يتحملوها من جيوبهم؟ وما علاقة المتعاملين والمؤمّن لهم بتلك الخسائر؟! يُفترض أننا في سوق مفتوح، ومبادئ السوق المفتوح تُحتّم على الشركة الخسرانة إغلاق أبوابها، لا أن تتدخل هيئة حكومية بمساعدتها من خلال زيادة الأسعار كي تعوّض خسائرها، إنه فعلاً أمر غريب!!

في المقابل، هُناك شركات تأمين تربح ملايين، بل مئات الملايين، فكيف يمكن للهيئة أن تتعامل معها؟ هل تدخلت يوماً لتقليل نسبة أرباحها، أو هل أجبرتها يوماً على مكافأة السائقين المتميزين الذين لم يسبق لهم التسبب في حوادث مرورية؟! لم نسمع عن ذلك إطلاقاً، فهل تدخّل الهيئة هو حكر على مصلحة شركات التأمين فقط؟! إنه فعلاً أمر غريب.

لفت نظري تصريح جميل لرئيس مجلس المرور الاتحادي مساعد القائد العام لشرطة دبي، اللواء محمد الزفين، يقول فيه إن «شركات التأمين في الدولة غائبة مجتمعياً، ولا تلعب أي دور في مساعدة أجهزة الشرطة لخفض الحوادث، فهي تصرّ على عدم تشجيع السائقين الملتزمين من خلال منحهم حوافز أثناء التعاقد، أو تجديد وثائق التأمين»، مضيفاً أن «شركات التأمين شريك استراتيجي بحكم الظروف، في ظل أن التأمين إجباري، لكنه شريك (نائم) لا يلعب دوراً يذكر!!»، فهل فكرت هيئة التأمين في التدخل لتجبر شركات التأمين على ممارسة دور اجتماعي أكبر، كما تدخلت الآن لرفع أسعار التأمين، ووضعت حداً أدنى للأسعار، هي عملياً أعلى من الأسعار السابقة، لتعطي بذلك مشروعية قانونية لجميع شركات التأمين كي ترفع أسعارها؟!

الحديث عن خسائر شركات التأمين قابل للأخذ والرد، إذ إن معظم النتائج المالية لشركات التأمين تُشير إلى أرباح بمئات الملايين، ولا يجب حصر العملية عند تأمين المركبات فقط، لأن القطاع أشمل وأوسع، ومع ذلك لا يوجد ما يثبت أن قطاع التأمين على المركبات يواجه خسائر مالية، فهناك الكثير من الأمور تحت الطاولة وفوقها تجعل الشكوك تحوم حول إمكانية تعرّض هذا القطاع للخسارة، بل إنها تؤكد زيادة أرباحه!!

وكيل شهير لسيارات شهيرة فاجأني أمس بمعلومة مهمة، فهو يقول إن شركات التأمين تضغط دائماً على وكالات السيارات للحصول على خصم يراوح بين 40 و50% عند التصليح، ما يعني أنها لا تدفع الفواتير كاملة، كما يعتقد الزبون، وإذا أضفنا إلى هذه المعلومة معلومة أخرى، وهي أن غالبية شركات التأمين تسترد من الوكالات وورش التصليح نسبة 10% نقداً مع نهاية كل عام، فيما يشبه عمولة لتصليح السيارات فيها، وأضفنا إلى ذلك كله قلة عدد الحوادث مقارنة بأعداد المتعاملين، فإن احتمالية خسارة شركات التأمين من عقود تأمين المركبات تبقى قليلة جداً!

بالتأكيد لسنا متحاملين على شركات التأمين، ولا على هيئة التأمين، ولكن الموافقة على زيادة الأسعار أمر غير مقبول، فهو يكبّد المتعاملين مبالغ صرف إضافية هم في غنى عنها، والأهم من ذلك أن إقرار مبدأ تعويض الشركات التي تعاني خسائر مالية من جيوب أفراد المجتمع يُعتبر سابقة يصعُب تخيّل أضرارها لو أصرت شركات من قطاعات أخرى على تطبيق مبدأ المعاملة بمثل شركات التأمين!!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر