كل يوم

هدر الأموال على اللاعبين حان وقفه!

سامي الريامي

كرة الإمارات تحتاج إلى وقفة، بل إلى تغيير جذري وشامل، فالتجربة أثبتت فشل نظام الاحتراف، لأنه هُنا أصبح مرادفاً للهدر المالي، والصرف في أوجه غير مفيدة للدولة، كما أصبح مرادفاً للمناكفة والمزايدة بين الأندية على شراء لاعبين مواطنين وأجانب بملايين الدراهم، دون مردود أو فائدة حقيقية!

الاحتراف التزام من قبل اللاعبين لتطوير مهاراتهم، وزيادة جرعاتهم التدريبية، من أجل مصلحة الفريق والمنتخب، أما هُنا فيعني حصول اللاعبين على مبالغ خيالية لا يستحقونها، وصرفها على الكماليات والسيارات والسهر و«الشيشة»، من دون أي التزام أو جهد إضافي نظير هذه المبالغ، فما يفعلونه قبل الاحتراف ظلوا يفعلونه بعده، مع فارق في الدخل يبلغ أكثر من عشرين ضعفاً، فمن المستفيد من ذلك؟!

مع احترامي وتقديري للجميع، لا أعتقد الآن أننا نمر بوقت مناسب لإعطاء لاعب، مهما كان أداؤه، راتباً شهرياً يصل إلى مليون وسبعمائة ألف درهم، في الوقت الذي لا يحصل فيه عشرون طبيباً أو عشرون مهندساً أو عشرون طياراً أو سبعة وزراء، مثلاً، على مثل هذا الرقم، وما المقابل يا ترى لمثل هذا المبلغ؟! الحصول على دوري محلي فقط؟ إنه لأمر غريب ومضحك!

جميع أندية العالم تضع استراتيجيات واضحة للاحتراف، فالمسألة هناك تجارية بحتة، فمقابل كل دولار أو يورو هناك دخل متوقع، ومقابل كل صفقة للاعب، مهما بلغت ملايينها، هناك مردود مقابل للنادي، وغالباً ما يستفيد النادي ويربح بشكل أكبر من اللاعب، كما أن الدول عندما تضخ ميزانيات مخصصة لتطوير الكرة، فإنها في المقابل تضع أهدافاً قابلة للتنفيذ، فالصين مثلاً تضخ حالياً ملايين الدولارات لتطوير كرة القدم، لكنها في المقابل وضعت استراتيجية للتفوق في آسيا، والسيادة على كرة القدم في هذه القارة، وهو من دون شك هدف مشروع، وقابل للتنفيذ بالنسبة لدولة بحجم الصين، فما الهدف هُنا في الإمارات؟ وما الغاية من صرف مئات الملايين على الأندية واللاعبين، هل هناك أمل لتسيّد الكرة الآسيوية؟!

إدارات الأندية تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الهدر المالي، فبسبب تنافسها المحموم خارج المستطيل، وبسبب مناكفات بعضها بعضاً، والمزايدة في الصفقات إلى حد الجنون، أفسدت كرة الإمارات، وأفسدت اللاعبين، وتسببت في ضياع الملايين دون فائدة تذكر، بل إن الأوضاع الآن وصلت إلى مستويات صعبة ومعقدة، وكثير من الأندية اليوم تعاني صعوبات مالية، ولا تستطيع الإيفاء بعهودها، ولا حتى دفع رواتب لاعبيها وموظفيها، فهل يجوز ترك هذه الإدارات تستمر في زيادة هذا النزيف المالي، أم الوقت قد حان لإيقاف ذلك؟!

قد يكون أحمد خليل مثالاً واضحاً على ما يحدث تحت الطاولة بين الأندية، ومع تقديرنا واحترامنا لهذا اللاعب، إلا أن ما يدفع له من قبل النادي الأهلي ليس مبلغاً عادياً، ومع ذلك تتنافس عليه أندية أخرى لتزيده ملايين إضافية، فما الذي يمكن أن يقدمه؟ وما المردود الذي ستلقاه الأندية جراء المبلغ الإضافي الذي ستدفعه له؟ ولمصلحة من تتم المزايدة عليه ورفع سعره أضعافاً؟! أمر في منتهى الغرابة!

المستفيد الوحيد هو اللاعب، والجميع عداه خاسرون، الأندية والمجتمع والدولة، فهذه الأموال هناك من هو أحق بها من اللاعبين، فمتى تنتبه الأندية لذلك؟ ومتى نقف جميعاً ضد ممارسات الأندية، وضد هدر أموال الدولة بشكل غير مفيد؟!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 
 

تويتر