كل يوم

استعجال هيئة الصحة وعدم جاهزية الشركات!

سامي الريامي

لا نختلف أبداً على صحة الإجراء الذي اتخذته دبي بضرورة توفير التأمين الصحي للعمالة المساعدة، وإجبار الكفلاء على تغطيتها، طبياً وعلاجياً، ضمن شركات تأمين مختلفة، وتحمّل كلفة ذلك، فهي خطوة إيجابية في جميع الأحوال، ولمصلحة الجميع، فهي توفر علاجاً مكفولاً للفئات المؤمن عليها، وتحمي الكفلاء أيضاً من تحمل نفقات علاج باهظة في حال عدم وجود غطاء تأميني للعاملين لديهم.

لكن لماذا أصرّت هيئة الصحة في دبي على إتمام كل إجراءات التأمين الصحي في فترة محددة؟ ولماذا بدأت التهديد والوعيد بفرض غرامات على غير الملتزمين بتوفير التأمين الصحي للعمالة؟ لماذا فعلت ذلك دون أن تتأكد من جاهزية شركات التأمين لاستقبال الأعداد الضخمة المتوقعة؟! ولماذا انحصر التهديد في الكفلاء فقط، ولم يكن هناك تهديد مشابه لشركات التأمين التي لا توفي بعهودها مع المؤمن عليهم عقب اشتراكهم في الغطاء التأميني؟!

أقبل الناس على الاشتراك في التأمين الصحي، والتزموا بقرار الهيئة، اقتناعاً بضرورة التأمين الصحي من جهة، وتجنباً للغرامات المالية من جهة أخرى، ووصلت أعداد الذين التزموا بالقرار إلى ملايين الأشخاص، وماذا كانت النتيجة؟!

كانت النتيجة أن كثيراً من شركات التأمين لم تكن جاهزة لاستقبال هذا العدد من الطلبات، ولم تصدر تلك الشركات إلى اليوم البطاقات التأمينية الخاصة بالمؤمن عليهم، بل إنها تطلب من المشتركين الانتظار أشهراً عدة مقبلة، دون أن تحدد عدد هذه الأشهر، وكثير من المستشفيات والعيادات الخاصة والحكومية رفضت علاج كثير من المرضى من فئة العمالة المساعدة، على الرغم من اشتراكهم في التأمين الصحي، بسبب عدم جاهزية الشركات، وعدم وجود بيانات تأمينية!

هيئة الصحة، مشكورة، لم تتجاهل مثل هذه الشكاوى، ووعدت بالإعلان عن قائمة تتضمن مخالفي منظومة التأمين الصحي قريباً، وأكدت أن شركات التأمين ملزمة برد أي مبالغ دفعها المرضى، بعد تاريخ التعاقد، لأي سبب كان، سواء لخلل في الإجراءات، أو لتأخير في تفعيل الخدمة، واعتبرت الهيئة أن الشكاوى الواردة قليلة، مقارنة بقاعدة البيانات التي تشمل أربعة ملايين شخص، مؤكدة أن هذا العدد هو الذي أدى إلى تعرض شركات التأمين لضغوط كبيرة!

وهذا يجعلنا نعيد السؤال ذاته، وهو: لماذا الاستعجال، ولماذا التهديد والوعيد بالغرامات؟ فالهيئة قدمت خدمة جليلة للناس والعمالة المساعدة معاً، والتأمين لاشك في كونه لمصلحة الجميع، فلماذا أصرت الهيئة على استخدام أسلوب الإجبار، في حين كان بإمكانها تطبيق التأمين على مراحل عدة، وبالتنسيق مع شركات التأمين، وفقاً لجهوزيتها واستعدادها، بدلاً من إدخال المجتمع في حالة إرباك وارتباك، وتهافت الناس على التسجيل، ومن ثم التسبب أيضاً في إرباك الشركات التي اتضح ضعف استيعابها وعدم جاهزيتها، ونتيجة هذا كله، إلحاق الضرر بالمشتركين، ومن ثم مطالبتهم بالشكوى لاسترجاع حقوقهم، ولا أحد يعلم بالضبط حجم الجهد والوقت الذي ستستغرقه عملية استرجاع المال، في حين كانت الهيئة في غنى عن هذا كله!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر