أبواب

كيف تصبح شعبان عبدالرحيم؟

أحمد حسن الزعبي

في زمن أشرطة «الكاسيت»، كان الفضول يدفع المستمع إلى قلب غلاف «الشريط»، ليتعرف إلى صاحبي الكلمات واللحن الذي أطربه، لأنه تعوّد منذ زمن الغناء الحقيقي أن يحفظ الجمهور اسم الملحّن كما يعرفون اسم المطرب تماماً.. في «أشرطة» شعبان عبدالرحيم لن تحتاج إلى ذلك الفضول على الإطلاق.. فاللحن ثابت منذ «أنا بكره إسرائيل»، والكلمات يمكن توليفها على «الميكرو ويف» في أقل من خمس دقائق، والأغنية كلها لا تكلف أكثر من 10 جنيهات، ولا تستهلك أكثر من «وات» إبداعي واحد يصرف على عنوان الأغنية لا على محتواها.

عند شعبان عبدالرحيم لا يختلف اللحن المركب على الكلام السياسي، عنه على الكلام الاجتماعي، عنه على الحماسي، فكل ما يقال ويغني لابدّ أن يساق بقاطرة «هييييييه» الشهيرة.

عند شعبان عبدالرحيم لا يختلف اللحن المركب على الكلام السياسي، عنه على الكلام الاجتماعي، عنه على الحماسي، فكل ما يقال ويغنى لابدّ أن يساق بقاطرة «هييييييه» الشهيرة، حتى تشعر بأن الـ«هيييييه» هي الأصل وما غيرها يتبع، وعلى هذا الأساس بإمكان أي شخص في هذا العالم أن يصبح شعبان عبدالرحيم في لحظات، بشرط أن يتقن الـ«هييييييه».

بالمناسبة هذا الرجل ليس ظاهرة غريبة أو منفردة، بل هو يكشف عن ظاهرة غريبة لم نكن نعرفها قبل بروز «شعبولا»؛ ففي كل مجال في مجالات الدنيا هناك «شعبان عبدالرحيم».. كل ما تحتاجه أن تدقق النظر قليلاً، لتكتشف أنه يمارس ما يمارسه شعبان في عمله.. هناك شعبان عبدالرحيم في السياسة.. في كل تصريح أو مؤتمر صحافي يخرج إلينا، ليدلي بكلمات مستهلكة متشابكة، مثل القميص المشجر الخاص بشعبان، لكن اللحن ثابت، في الاقتصاد هناك شعبان عبدالرحيم.. يغير بعض المصطلحات الطفيفة، لكنه يغني لحن الحلول نفسه الذي لا يعرف غيره. هناك شعبان عبدالرحيم في الأدب، وشعبان عبدالرحيم في الثقافة، وشعبان عبدالرحيم في الفنون، وشعبان عبدالرحيم في التربية وفي كل مجال.

قبل أيام سمعت تصريحاً لخليفة بان كي مون، الأمين العام الجديد للأمم المتحدة (هذا الرجل لا أحد في العالم يحفظ اسمه حتى زوجته)، فقد كان الفرق بين تصريحه حول «سورية»، وبين تصريحات بان كي مون تماماً كالفرق بين لحن «هبطل السجاير»، وأغنية «يا عم بص بئا».. تحوير بعض الكلمات، والإبقاء على الـ«هييييه»!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر