كل يوم

وثيقة التأمين الجديدة.. لها وعليها!

سامي الريامي

بالتأكيد نحن لا نشكك إطلاقاً في سعي ونية هيئة التأمين لخدمة المواطنين والمتعاملين، ولا نشك أبداً في وقوفها على الحياد لما فيه حفظ لمصالح الأطراف كافة، شركات التأمين من جهة، والمتعاملون معها من جهة ثانية، والجدل الذي حدث بعد إقرار وثيقة التأمين الجديدة شيء متوقع، خصوصاً أن الوثيقة تسببت بشكل مباشر في ارتفاع أسعار التأمين إلى نسب تراوح بين 50 و100%، وارتفاع نسب التحمل أيضاً في الوقت ذاته إلى النسبة ذاتها، لذا من الطبيعي أن يُصاب الجمهور بالضجر والصدمة!

لا ننكر وجود مزايا جديدة في وثيقة التأمين الجديدة، ففيها، كما أعلنت الهيئة، على سبيل المثال إلزام للشركات بتصليح المركبات داخل الوكالة، واستخدام قطع غيار أصلية، إذا كان استخدامها لمدة سنة أو أقل، على عكس السابق حيث كان بوسع الشركات اللجوء إلى الورش الخارجية المتعاقدة معها، وكذلك استحدثت الهيئة شرط جودة التصليح، بما يضمن إعادة المركبة إلى الحالة التي كانت عليها قبل الحادث، حيث يمكن للمؤمن لهم التأكد من جودة تصليح مركباتهم عن طريق جهات محايدة، بمساعدة هيئة التأمين، وفي حال ثبوت إخلال الشركة، تتم إعادة المركبة لها مرة أخرى، لاستيفاء شرط الجودة.

ولعل أحد أهم البنود المستحدثة في الوثيقة، أيضاً، رفع سقف مسؤولية الشركات عن التعويض، حيث لم يكن يتجاوز وفقاً للوثيقة السابقة 250 ألف درهم، وتم تحديد هذا المبلغ منذ 30 عاماً، ولم يعد مناسباً في ظل وجود سيارات مرتفعة الثمن، ما اقتضى معالجة ذلك ضمن النظام الجديد، برفعه ثمانية أضعاف ليصل إلى مليوني درهم، وهو من التعديلات المهمة التي حدثت.

لا ننكر كل ذلك، ولكن العتب على هيئة التأمين أنها أخفت نسبة الزيادة على أسعار التأمين، ولم تشر إطلاقاً إلى مبالغ التحمل التي لجأت إلى رفعها أيضاً، وبنسبة وصلت إلى 100%، في بيانها الصحافي المطول لدى الإعلان عن الوثيقة الجديدة، بداية العام الجاري!

كما أن الوثيقة الجديدة أسهمت مباشرة في رفع سعر التأمين ضد الغير، لأنها وضعت حداً أدنى لا يمكن للشركات النزول تحته، وهو للأسف أعلى من الأسعار التي كانت متداولة سابقاً، وتصل إلى 750 لمركبات الصالون (أربعة سلندرات)، و850 للمركبات (ستة سلندرات)، و1050 لمركبات الدفع الرباعي، في حين كان المتعاملون قبل ذلك يستطيعون تأمين سياراتهم ضد الغير بـ500 درهم للصالون، و700 درهم للدفع الرباعي، وتالياً وجدت الشركات نفسها مجبرة على رفع سعرها ليصل إلى الحد الأدنى، ومنها من أوصله إلى الحد الأعلى!

الوثيقة الجديدة كذلك لم تحدد إطاراً زمنياً لتسوية المطالبات والبدء بعملية التصليح، وهذه القضية عادة يشتكي منها معظم المتعاملين مع شركات التأمين، وتأخير الموافقة على التصليح هو الذي يتسبب لهم في الضرر الأكبر، كما أنها أيضاً لم تحدد جدولاً زمنياً لتعويض أصحاب المركبات نقداً في حالة الخسارة الكلية وشطب السيارة، وهذا أمر مهم جداً للمتعامل!

لا نقلل من جهود الهيئة، بل نقدرها ونثمن دورها وسعيها لحفظ مصالح المتعاملين، لكن كان من الأفضل معرفة آراء الناس قبل إقرار الوثيقة، صحيح أن الهيئة دعت حملة الوثائق والمختصين والخبراء إلى إبداء الرأي والمقترحات، بشأن بنود مسودة الوثيقتين المتعلقتين بالتلف والفقد والمسؤولية المدنية، وعرضت على موقعها الشبكي المسودة، لكن هذه المسودة لم تتضمن آلية للاعتراض على الوثيقة من قبل الجمهور!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر