5 دقائق

شيء اسمه تأديب

خالد السويدي

قبل أشهر عدة، قام مواطن بالإبلاغ عن ابنه مدمن المخدرات، بعدما وجد أنه لا يوجد حل آخر لإعادة ابنه إلى طريق الصواب، وفي الأسبوع الماضي قرأت عن مواطن توجه إلى إدارة المرور، وأصر على حجز سيارة ابنه لتأديبه على سوء قيادته، وذلك على الرغم من عدم تسجيل أي مخالفة على السيارة، بعدما لاحظ أن قيادته للسيارة فيها نوع من أنواع اللامبالاة والتهور.

الأب الذي أبلغ عن ابنه المدمن، والأب الذي حجز سيارة ابنه، مثالان مشرِّفان يستحقان الاحترام والتقدير.

ما قام به والد المدمن لا يعني تخليه عن ابنه، ولا رغبة في التخلص منه، إنما هو الإحساس بالمسؤولية والالتزام الأخلاقي والاجتماعي تجاه ابنه، فقد وجد أنه لا حل آخر بعدما ضاق ذرعاً بتصرفات ابنه، الأمر نفسه ينطبق على والد الشاب المتهور، وإن كان الموضوع مختلفاً قليلاً، إلا أنه يدخل في السياق نفسه المتمثل في التأديب وأسلوب الثواب والعقاب، وترجيح التصرفات العقلانية بعيداً عن التصرفات العاطفية، التي قد تسهم في تفاقم المشكلة لدى الابن.

هناك الكثير ممن يرتكبون الأخطاء، ويستمرون فيها، ثم تجد دور الآباء والأمهات سلبياً جداً، إذ لا يقومون بأي خطوة في الاتجاه الصحيح، بل إن الأسوأ من ذلك عندما يقع الأبناء في المحظور، فإنهم يتسابقون في جميع الاتجاهات بحثاً عن الواسطة، وأملاً في الإفلات من العقوبة، ثم تستمر السلبية في تعاملهم مع الأبناء كأن شيئاً لم يكن، فتكون النتيجة الحتمية هي المزيد من الانحراف، وتفاقم المشكلات، ويصبح الابن صاحب سجل حافل بالمشكلات التي لا تعد ولا تحصى.

عاطفة الأمومة والأبوة غريزة متأصلة في الإنسان الطبيعي، يخاف الواحد منا على أبنائه، ولا يتمنى إلا الخير لهم، في المقابل لا يعني ذلك التخلي والاستسلام والخضوع لهم، أو السماح بالتمادي في ارتكاب الأخطاء التي قد تضره، وتضر بقية أفراد المجتمع.

الأب الذي أبلغ عن ابنه المدمن، والأب الذي حجز سيارة ابنه، مثالان مشرِّفان يستحقان الاحترام والتقدير، الأول وصل إلى قناعة بأنه لا يستطيع تأديب وإصلاح ابنه فأبلغ السلطات، أما الأب الثاني فقد أعطى ابنه درساً ليس لابنه فقط، بل للعديد من الآباء الذين نسوا شيئاً اسمه «تأديب».

يقول الشاعر العباسي صالح بن عبدالقدوس:

وإِن من أدَّبته في الصبا … كالعودِ يُسْقى الماءَ في غرسِه

حتى تَراهُ مُورِقاً ناضراً … بعد الذي أبصْرتَ من يُبْسهِ

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر