Emarat Alyoum

عقلية الإرهاب

التاريخ:: 19 يناير 2017
المصدر:
عقلية الإرهاب

مضى أكثر من أسبوع على الاعتداء الإرهابي الآثم والخسيس والدنيء، الذي ضرب مقر والي قندهار في أفغانستان، واستشهد على إثره مجموعة من أبناء الدولة الذين بذلوا أغلى ما يملكون في سبيل مد يد العون والمساعدة للمحتاجين والضعفاء، وأيام عدة على مشاهدتي لفيلم «يوم الوطنيين» عن التفجير الإرهابي الغادر الذي ضرب سباق الماراثون في مدينة بوسطن الأميركية، وأوقع قتلى وجرحى في 15 أبريل عام 2013.

قال لي صديق درس الشريعة الإسلامية إن الشخص إذا وصل مرحلة التعصب أو التضليل الديني فنادر جداً أن يعود إلى الصواب، وعندما فكرت في كلامه وجدته صحيحاً، والأمثلة كثيرة، حيث تعددت قصص مضلَّلين دينياً عادوا إلى الإرهاب بعد برامج مناصحة في أكثر من دولة عربية، ولا أفهم هذه العقلية التي تبرر قتل البشر المدنيين والعزل باسم الدين، ولا أفهم كيف يقتنع مجندو التنظيمات الإرهابية بها.

الإرهاب يحرض حتى على قتل الوالدين! ويا لها من جرأة في التناقض مع النصوص القرآنية المقدسة التي تحث على البر بالوالدين. نتيجة لذلك أصبح وصم الإسلام بالإرهاب فكرة شائعة، وهي باطلة أساساً لأن الدين عانى من هذه الآفة منذ أيام حركة الحشاشين وزعيمها حسن الصباح. الفكرة لاقت رواجاً بين الذين يسمون أنفسهم مثقفين تأثروا بفكر المستشرقين الأوروبيين الذين روجوا لفكرة انتشار الإسلام بحد السيف، وهي فكرة باطلة خاطئة لأنها تتناقض مع سماحة الدين.

• الإرهاب أداة شريرة للقتل والتخريب ونشر الفساد في الأرض، مصيره الفشل.

أينما يضرب الإرهاب الآثم فإنه يأتي بنتائج عكسية، لأن الهدف منه التخريب والدمار لا أكثر. إذا ضرب في أوروبا وأميركا فإنه يؤلب المجتمع ضد المسلمين ويتسبب في انتشار التعاون والتكاتف والمؤازرة بين أفراد المجتمع، وهذا أكبر دليل على فشله في تحقيق أي هدف.

وإذا ضرب في بلاد المسلمين فإنه يتسبب في النتيجة نفسها أي تكاتف المجتمع ضده، وذلك لأن قتل البشر جريمة بشعة نتاج عقلية ظلامية شريرة إجرامية لا يبررها دين ولا عقيدة ولا منطق.

الإرهاب عمل شيطاني لا يميز بين أحد، ولا هدف سياسياً أو دينياً له، الإرهاب أداة شريرة للقتل والتخريب ونشر الفساد في الأرض مصيره الفشل، لأن الفطرة الإنسانية جُبلت على حب الخير ونشره في المجتمع، ومساعدة الضعيف وإعانة المحتاج ونصرة المظلوم، والإسلام دين الفطرة.

مسك الختام: في فيلم «داي هارد 3» الذي يطرح موضوع الإرهاب، هناك مشهد إخلاء مدرسة في نيويورك بسبب وجود قنبلة، يكتشف رجال الشرطة وجود صبيين مختبئين في أحد الفصول بعد إتمام عملية الإخلاء، تهرع شرطية لإخراجهما، وعندما شعرت أنها لن تتمكن من ذلك في الوقت المناسب، تقرر أخذهما إلى سطح المدرسة وتجلس في زاوية وتحتضنهما. المشهد يحمل دلالات عميقة لأنها بيضاء والصبيان من أصول إفريقية، وهذا يعكس تكاتف المجتمع بغض النظر عن الأديان والأعراق في وجه الإرهاب الخسيس.

مشهد آخر من الفيلم نفسه، يكشف شرير الفيلم أن قنبلة وضعها في مكان يعج بالأطفال لم تكن حقيقية، قائلاً: أنا جندي ولست وحشاً.

الجندي: يقاتل لتحقيق أهداف سياسية.

الوحش (الإرهابي): يقتل الإنسانية ليعيث في الأرض فساداً.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .