كل يوم

لا حليف لدول المجلس.. سوى دول المجلس

سامي الريامي

«علمتنا التجارب الطويلة الكثير، وأكسبتنا السنوات خبرة سياسية، وأصبحنا نعرف بوضوح من هو حليفنا ومن هو ضدنا، من معنا ومن علينا، والخلاصة الأكيدة أنه لا يوجد حليف صادق يعتمد عليه لدول مجلس التعاون الخليجي سوى المملكة العربية السعودية، وقوة دول المجلس في تماسكها وتعاونها ووحدتها».

هذه الكلمات التي قالها سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس مجلس وزراء مملكة البحرين، خلال لقائه في المنامة مع رؤساء تحرير الصحف الخليجية، تختصر الكثير والكثير، وتلخص مواقف وتجارب سنوات طويلة مرت على المنطقة، بأزماتها، وحروبها، وتحدياتها، ورخائها، هذه التجارب تثبت دائماً أنه لا يوجد حليف مخلص بمعنى كلمة حليف، بل هم أصحاب مصالح مؤقتة، متى ما وجدوها هنا لبسوا ثوب الحلفاء، ومتى ما وجدوها عند غيرنا، تخلوا عنا فوراً، ليرتدوا ثوباً آخر، هي المصلحة ولا شيء آخر!

هذه هي سياسة العصر الحالي، لا عداوات دائمة، ولا صداقات دائمة، بل هي مصالح دائمة ثابتة، وأطراف متغيرون، لا تتغير سياسة تحقيق المصالح، بقدر تغير الأطراف التي تحقق للدول الكبرى هذه المصالح، والعالم بأسره هو ملعب كبير، وكلٌّ يريد تحقيق هدفه على حساب غيره، والطرف الأضعف دائماً هو الوسيلة لتحقيق هذا الهدف!

لذا سنظل الحلقة الأضعف دائماً، إن تفككنا، واختلفنا، وتشتتت آراؤنا، وغاب بيننا التنسيق، وحلت الفردية، فدول مجلس التعاون هي هدف واضح لكبريات دول العالم، هي المصلحة العامة التي تسعى إلى اغتنامها كل الدول الكبرى، فنحن في نظرهم مصدر ثروة لابد من الحصول على حصة منها، ولا يهم أبداً على حساب من، وماذا يجب أن تكون هذه الحصة؟!

لا حليف صادقاً لنا، وحماية أمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي هي مسؤولية أبنائه، لا أحد غيرهم، لقد مرت المنطقة بتجارب عدة، وتداعيات مريرة، وفي كل مرة يتأكد لنا ذلك، وبشكل واضح وجلي، قوتنا في وحدتنا وتماسكنا، وضعفنا في اختلافنا واختلاف مواقفنا، صحيح أن لكل دولة سياسة وآراء وتوجهات مختلفة، لا نختلف في ذلك، لكن في القضايا المصيرية مصيرنا سيكون واحداً، ومستقبلنا سيكون واحداً، والأخطار التي تحيط بنا واحدة، وعدونا ينظر إلينا جميعاً كطرف واحد، لن يفرق في كراهيته لنا بين دولة وأخرى!

الإمارات أدركت هذا الأمر منذ سنوات طويلة، لقد رآه المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد، برؤيتهما البعيدة قبل أكثر من 50 عاماً، فأنشأوا دولة عربية متحدة، في منطقة متذبذبة الاستقرار، لتصبح بعدها واحدة من أكثر دول العالم تطوراً واستقراراً وأمناً، لأن الوحدة هي أساس التطور، وهذا ما أكده الشيخ خليفة بن سلمان في حديثه مع رؤساء تحرير الصحف الخليجية، فقال: «الإمارات دولة متحدة، هي النموذج الناجح لمن أراد النجاح، فتجربتهم مميزة، ومسيرتهم مباركة».

والإمارات علاوة على أنها طبقت نهج الوحدة مبكراً، فهي أكثر دول التعاون إيماناً بالتعاون والتنسيق، وهي أكثر دول التعاون تطبيقاً لقرارات دول مجلس التعاون، وقادتها يؤمنون ويدركون أن مستقبلنا مرتبط بمستقبل إخواننا في دول المجلس، وأن تعاضدنا وتماسكنا وتعاوننا هي السبيل الوحيدة لمواجهة تحديات المستقبل، لذا هي لم تبخل بمال ورجال ودم، من أجل الوقوف وقفة رجل واحد ضد من يهدد أمننا، ويتدخل في شؤوننا، ويريد تقويض دولنا واستقرارها.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر