5 دقائق

الإرهاب هو العدو الأول للإنسان

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

لم يكن الإرهاب وديعاً للإنسان يوماً ما، بل هو عدو له أينما كان وحيثما حلَّ ووجد، ويتجلى واضحاً من هذا العمل الإجرامي، الذي قام به أولئك المجرمون مع من يقوم بخدمة الإنسان، كسفير الدولة ــ شفاه الله وعافاه ــ ومرافقيه الذين كانوا يقدمون الخير والمساعدات النافعة للمحتاجين إليها من الشعب الأفغاني المطحون ببأس الإرهاب والحروب الشعواء التي يعيشها من نحو أربعة عقود، والذي هو بأمسّ الحاجة إلى هذه المساعدات الإنسانية النافعة في المجالات المتعددة إطعاماً وتعليماً وتطبيباً وغير ذلك، والذي تسهم به دولة الإمارات العربية المتحدة مع ذلكم الشعب الكالح الكادح، المحتاج إلى القليل، فضلاً عن الكثير الطيب.

إن منهج الإسلام العظيم هو احترام الرسل والسفراء، وإكرامهم، فضلاً عن حمايتهم من كل أذى، فقد ثبت في السنّة من حديث نعيم بن مسعود، رضي الله عنه، قال كنتُ عند النَّبيِّ، صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، حين جاءه رسولا مُسَيْلِمَةَ ــ الكذاب ــ بكتابِه، الذي تضمن ادعاءه النبوة، ويطالب النبي، صلى الله عليه وسلم، بأن تكون الأرض له من بعده، ورسولُ اللهِ، صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يقولُ لهما: وأنتما تقولان مثلَ ما يقولُ؟ فقالا: نعم، فقال: «أما واللهِ لولا أنَّ الرُّسلَ لا تقتلُ لضربتُ أعناقَكم»، فانظر كيف عصم النبي، صلى الله عليه وسلم، دماءهما مع إعلانهما الكفر به وموالاة عدوه مسيلمة الكذاب الذي يدّعي النبوة وينازعه الرسالة، فأي كفر وعداوة أكثر من هذا؟! ومع ذلك فلم يستبح دماءهما، بل أعادهما سالمين، احتراماً للسفارة، فأين هؤلاء الإرهابيون من هذا النهج المجمع عليه إسلامياً ودولياً وإنسانياً؟ أم أين مجازاة الإحسان بالإحسان الذي دعا إليه القرآن الكريم؟! فهذا يدل بجلاء على أن الإرهاب ليس منهج الإسلام، بل هو منهج أعدائه، وأن على المسلمين أن يجتمعوا على كلمة سواء لاستئصال شأفته حماية للإسلام والمسلمين أولاً، وحماية للإنسانية الآمنة ثانياً، فإن الله قد قضى أن من قتل نفساً بريئة فكأنما قتل الناس جميعاً، لأنه تعدٍّ على النوع الإنساني برُمَّته.

إن هؤلاء المجرمين لم يعتدوا على بعثة الإمارات العربية المتحدة المسالمة والنافعة؛ بل اعتدوا على الشعب الأفغاني الذي سيحرم هذه الخيرات، وعلى الإنسانية التي تحب أن تعيش بسلام ووئام في أوطانها وتنقلاتها.

إن شهداء الوطن، الذين قضوا نحبهم وهم في هذا العمل الإنساني النبيل، هم وسام فخر للدولة، وبرهان جلي على مساهمتها الجليلة في عمل الخير، وأنها تبذل الخير لكل إنسان، وإن كان في ذلك مخاطرة بأبنائها البررة، لكنها لن تتساهل مع من يعتدي على حرمة المواطن ونهج الوطن السمح النافع المبارك، ومع ذلك، فلن تضحي بمبدئها الإنساني القائم على مساعدة الشعوب المقهورة، لاسيما من بطش هذا الإرهاب الأعمى البائس.

والواجب على الشعب الأفغاني قبل غيره أن يساعد نفسه بالانقضاض عن بكرة أبيه على هؤلاء الإرهابيين، واستئصال شأفتهم من جذورهم، لأنه هو المستهدف الأساس من هذا الإجرام، ولو أنه قام قومة ناهضة، كقيام الرجل الواحد والأمة الواحدة؛ فإن هذا الإرهاب لن يدوم طويلاً، ولن يتغول في جبال قندهار وأودية وشعاب الدولة المسلمة الأفغانية التي عرفت بعلمائها وصلحائها ونفعها الكبير للإسلام والمسلمين، فإن المساهمات الخارجية لمحاربته لن تكون أجدى من مساهمة الأفغان أنفسهم، وكما قال الشاعر:

لن يبغن شعب إلى أوج العلا ما لم يكن بانوه من أبنائه

إن هؤلاء الشهداء الأبرار قد اختارهم الله في سجّل الشهداء الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فهم فرحون بما آتاهم الله من فضله، فطابت لهم الشهادة والمنزلة العالية، ولا عزاء للجبناء، الذين يتسللون لواذاً.

نسأل الله تعالى أن يحمي شعب الإمارات وشعوب العالم من هذا العدو الكاشح للإنسانية عاجلاً غير آجل.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر