5 دقائق

إدمان هواية

عبدالله القمزي

أعود إلى موضوع هوايتي المكتشفة، أخيراً، وهي الاستماع إلى المذياع، عبر أحد التطبيقات الجديدة، لعرض تجربة شهر من متابعة الإذاعات. أستمع إلى الإذاعات في وقت متأخر ليلاً، أحياناً يصل إلى الثالثة صباحاً في الإجازة، ولم أتوقف عن ذلك يوماً واحداً خلال شهر، أي أن الأمر أصبح إدماناً لو شئتم تسميته ذلك.

بالطبع الإذاعات المحلية ليست واردة إطلاقاً، لأنني أبحث عن برامج حوارية اجتماعية ثقافية، رغم أن بلادنا غنية جداً ثقافياً، لكن ما أجده مجموعة مذيعين في برنامج واحد، يتحدثون عما تناولوه على الإفطار، أو إيجاد الجملة المشتركة بين مجموعة أغنيات! هذا صباحاً، أما ليلاً فليس هناك سوى أغانٍ.

المهم أن المنطقة العربية هي الأفقر في الإذاعات، مقارنة بأوروبا وقارة أميركا الشمالية (لندن وحدها تبث منها أكثر من 100 إذاعة). لكن عربياً أجد إذاعات المغرب العربي هي الأفضل بالنسبة لي، بسبب نوعية البرامج (حوار مع مثقف، أو فنان، برامج لمناقشة مشكلات المجتمع)، أما البقية فتركيزها على الأغاني فقط.

أوروبياً، لا أجد شيئاً مناسباً، باستثناء إذاعات المملكة المتحدة لأنني أفهم لغتها، وضمن ذلك النطاق استمتعت ببرنامج طريف وغريب على إذاعة إيرلندية، يجمع فيه المذيع مجرماً أو لصاً مع ضحاياه! بالطبع المذيع لم يكن حيادياً، ولا يمكنه ذلك، لكن البرنامج كان رائعاً في محاولته فهم سلوك اللص، من أجل التوصل إلى حل لمشكلته.

• لا أعلم ما الذي تفعله موجة مركز شرطة على الإنترنت؟!

لكن ما جعلني أضحك هو تبرير اللص لسلوكه، عندما قال لصاحبة المنزل الذي سرقه: لماذا أنت غاضبة على أغراض مؤمنة ضد السرقة؟

أما أميركياً، فالتنوع على أشده، حيث أجد كل المتعة، فتارة أتجول بين الإذاعات الدينية، ثم أجد نفسي أستمع إلى مقابلة عبر الهاتف مع شخصية شهيرة، مثل جوليان أسانغ، على إحدى إذاعات نيويورك.

ثم أذهب باتجاه ولايات الجنوب الأميركي، لأستمع إلى انتقادات حادة لإدارة باراك أوباما، وغير بعيد عنها أجد محللاً سياسياً ينتقد دونالد ترامب انتقاداً لاذعاً، لدرجة تقترب من الشتم!

الطريف والغريب أنني وجدت بين محطات ولاية ساوث كارولاينا موجة مخصصة لمركز شرطة! ووجدت نفسي أستمع إليها فترة طويلة، تصل إلى 20 دقيقة كل يوم.

وقد يسأل أحد: ما الذي يشد الانتباه في موجة مخصصة للشرطة؟! الجواب هو: لا شيء سوى الفضول، فكل ما أسمعه هو التالي:

شرطي يطلب من زميله إيقاف امرأة في الشارع، قبل أن يطلب منه إخلاء سبيلها.

شرطي يطلب من زميله التوجه إلى منزل رجل، ابتلع دواء سبب له ضيق تنفس.

شرطي يبلغ أنه شاهد رجلاً، يشتبه في أنه مسلح.. وهكذا.

ولا أعلم ما الذي تفعله موجة مركز شرطة على الإنترنت؟! وعلى غرار ذلك وجدت موجة مركز طيران أو برج مراقبة في كندا، لكن لم أفهم شيئاً من كلامهم، لكثرة استخدام المصطلحات.

مسك الختام: كنت في لبنان عام 2009، ألبي دعوة زيارة من صديق، ووقتها كان هاتف «نوكيا» به خاصية المذياع، استمعت ليلاً إلى حوار مع مغنية مشهورة، تتحدث عن ثقافة الفن (وليس ثقافة الأغاني) بشكل عام. وكان أحد أجمل الحوارات الإذاعية التي سمعتها في حياتي، وقد يكون هذا سبباً لا شعورياً في حبي للمذياع.. وللحديث بقية!

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر