تمخض الجبل فولد وحشاً

كنت سأكتب «تمخض الجبل فولد فأراً» في تعقيبي على الأسعار الجديدة للتأمين التي أقرتها هيئة التأمين أخيراً، إنما تراجعت عن هذا الوصف الشنيع وغير المقبول، فالجبل لم يلد فأراً، بل ولد في حقيقة الأمر وحشاً، يتمثل في الارتفاع المبالغ فيه والمجحف لأسعار تأمين السيارات.

تخيل سيارة دفع رباعي تم تأمينها في عام 2014 بقيمة 5100 درهم، ثم يفاجأ مالكها بأن تأمينها بعد ثلاث سنوات يقترب من هذا المبلغ، رغم أن السيارة قد انخفضت قيمتها السوقية أكثر من النصف، أما بالنسبة للتأمين ضد الغير فحدّث ولا حرج، إذ أصبحت أسعار هذا النوع من التأمين قريبة من أسعار التأمين الشامل قبل القرار الجديد.

منذ أشهر عدة وهيئة التأمين تعلن عن وثيقة التأمين الجديدة التي ستكون جاهزة مع بداية العام، ومع كل تصريح كنت ازداد تفاؤلاً وأملاً بأنّ هيئة التأمين ستقف وقفة حازمة مع الارتفاعات التي حدثت لأسعار التأمين، منذ عامين على وجه التحديد، لدرجة أنني كلما قرأت تصريحاً، أقول: «ياك الموت يا تارك الصلاة»، في تعبير ينم عن ثقتي بأن وثيقة التأمين الجديدة لن تترك الحبل على الغارب، ولا حتى على القارب، لشركات التأمين، التي باتت تسرح وتمرح و«تتفرعن» طوال الفترة الماضية.

لا أعرف حقيقةً ما المبررات والأسباب التي استندت عليها هيئة التأمين عند إقرار اللائحة الجديدة، ربما كانت تسعى لإرضاء شركات التأمين على حساب العملاء، وربما اعتقدت أنها أسعار عادلة، رغم أنها غير ذلك، وربما ظنت أن المواطن والمقيم ليس عليهما أي التزامات مادية، وبإمكان الجميع تأمين سياراتهم بأي قيمة كانت.

نحن نعلم أن شركات التأمين تتحمل المخاطر المالية من جراء الحوادث التي ترتكب على الطرقات، ونقر بأن كثرة الحوادث تؤثر بشكل كبير في ربحية الشركات، لكن يبدو أن هيئة التأمين لا تعلم أن أرباح شركات التأمين الوطنية قد قفزت بنسبة 56% منتصف العام الماضي، لتصل إلى 359 مليون درهم بالتمام والكمال، وبالتأكيد قد زادت الأرباح بشكل أكبر مع نهاية العام.

هيئة التأمين ردت أخيراً، وبررت الزيادة في الأسعار، وأنا عن نفسي لم أقتنع بهذه المبررات، فاللائحة الجديدة كانت مجحفة، ولم تفرق نهائياً بين سائق ملتزم وآخر متهور.. ختاماً لا أقول سوى: شكراً هيئة التأمين، فالقادم يبدو أسوأ بكثير.

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .