5 دقائق

«عام الخير» من أهل الخير

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

الخير اسم جامع مبارك محبوب للنفوس، ومحبوب عند الله تعالى، ولذلك كان طلبه مقترناً بالصلاة خصوصاً، وعبادة الله عموماً، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، للتدليل على أهميته في جانب عبادة الله تعالى، وقد رتب عليه الفلاح، وهو شامل لفلاح الدنيا والآخرة، وكما عمّم سبحانه وتعالى الخير، حيث جعله بصيغة العموم الدال عليه الألف واللام اللذان هما للجنس والاستغراق، أي جنس الخير مع الإنسان والحيوان، وكذلك الفلاح المرتب عليه، فإنه لم يقيد بفلاح الدنيا ولا الآخرة؛ ليشملهما معاً، وهذا المأمول من فضل الله تعالى، وقد كان الوعد به بصيغة الترجي {لعلَّ}، ولكنه في مقام الحق سبحانه وتعالى ليس على بابه، بل هو يفيد اليقين، لأنه وعد من الجواد الكريم، وهو سبحانه إذا وعد وفى، ومن أوفى بعهده من الله؟!

والمتأمل لواقع الإمارات العربية المتحدة، يجد أن الله تعالى قد صدقها وعده، فأفلحت أيَّما فلاح في الدنيا، فهي فالحة في أمنها وتطورها وإسعاد شعبها، وفالحة في التخطيط لمستقبلها وكل أمورها.

وفلاح الآخرة إن شاء الله تعالى مكتوب لمن أحب عمل الخير، وهو الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، طيّب الله ثراه، وإخوانه أصحاب السمو المؤسّسون، رحمهم الله تعالى رحمة واسعة، الذين كان عمل الخير جزءاً من حياتهم اليومية، في شواهد لا تحصى، وهي عند الجميع لا تخفى.

• على كل أن يسهم في فعل الخيرات بما استطاع، وإن كان قليلاً، فإنه عند الله ليس بقليل.

وها هو صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد - حفظه الله تعالى - يعلن على لسان نائبه ورئيس وزرائه حاكم دبي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد رعاه الله، عام 2017 عام الخير، لتأكيد ذلكم النهج المبارك العظيم، فكان أصدق دليل على خيرية قادتنا حفظهم الله، الذين عمّ خيرهم الجميع، وإنما كان ذلك ليكون نهجاً عاماً للدولة والمواطنين ومحبي الخير من ساكني بلد الخير - الإمارات العربية المتحدة - لأنه جزء من تكوين منهج الإمارات، كما أن تخصيصه بعام ليكون دعوة صريحة لعموم الناس ليشتركوا في فعل الخير، فيكونوا خيرين، حتى ينالوا الخيرية بين الناس، فإن خير الناس أنفعهم للناس، ولا ريب أن ذلك الخير سيكون في ميزان حسنات الداعي، فإن الدال على الخير كفاعله، كما صح في الحديث.

فعلى كل أن يسهم في فعل الخيرات بما استطاع، وإن كان قليلاً، فإنه عند الله ليس بقليل، وهو سبحانه يجزي بمثقال الذرة، فكيف بما فوقها، وفي ذلك يقول بعضهم:

افعل الخير ما استطعت وإن كــــــــــــــــــــــــــــــــــان قليلاً فلست مدركَ كلَّه

ومتى تفعل الكثير من الخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــير إذا كانت تاركاً لأقلِّه.

وينبغي لفاعل الخير ألا ينظر إلى المفعول له الخير من كونه أهلاً من عدمه، فإنه إن لم يكن أهلاً للخير بنظرك، فأنت أهل لفعله، وكما قالوا:

من يفعل الخير لا يعدم جوازيَه * لا يذهب العرف بين الله والناسِ.

وقد شكر الله لامرأة بغي من بني إسرائيل سقت كلباً كان يلهث من العطش، وعذب امرأة على حبس هرّة، وفي الحديث الصحيح: «يا معشر النساء لا تحقرن جارة جارتها ولو أن تهديها فِرسن شاة»، يعني ما بين ظلفي الشاة، بل ورد تقريب فعل الخير ولو بأقل ما يمكن فعله، وهو طلاقة الوجه، كما صح في الحديث «لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوحه طلق»، يعني فهذا من الخير.والمراد الحث على التحلي بالخير دائماً حتى يكون سجية للمرء، فإن النفس قابلة للتطبع بالخير، أو عكسه. فهنيئاً لأهل الخير وفاعليه بهذه الهمة العظيمة والتوجه السديد. حفظ الله أصحاب السمو أهل الخير، وحفظ دولة وشعب الإمارات، وزادها من الخير.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر