5 دقائق

كيف نحب الرسول؟

عادل محمد الراشد

جميلة هي الرسائل الهاتفية التي يتبادلها الناس للتذكير بيوم ميلاد الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، جميلة كلماتها ومعانيها وأشكالها لتكشف حجم المكنون داخل نفوس المسلمين تجاه من فاخر بهم على أصحابه، ووصفهم بإخوانه الذين أحبوه ولم يروه، وكان سبباً في خروجهم من الضلال الجاهلي، ونجاتهم من الهلاك الأبدي. هو يوم لإحياء الذكرى وتنشيط الذاكرة والتأكيد على التمسك بالمنهج الذي جاء به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بلا مغالاة أو خروج عن المنهج، كما يقول المتحمسون للاحتفال بالمولد النبوي.

لو كان الرسول بيننا هل كان سيفعل ما أفعله، أو يقرّني على فعله؟

ولاشك في أن الأجمل هو الاستدامة في تنشيط الذاكرة، وإحياء العاطفة بإسقاط المنهج على نمط الحياة في كل صغيرة وكبيرة، في كل زمان ومكان، وتحت أي ظرف كان. فهي المحبة المطلقة والارتباط الدائم والذكرى المتجددة. في هذا السياق أعجبني قول لواعظ وهو يصف كيفية التعبير عن محبة الرسول، صلى الله عليه وسلم، بسطها واختصر معانيها بعيداً عن بلاغة اللغويين وغموض عبارات المتكلمين، فقال إن المحبة تعني الاتباع واستحضار المحبوب في كل تفاصيل الحياة، طالباً وضع كل تصرفاتنا تحت مقياس الشرع الذي جاء به الرسول، بمعنى أن نضع كل تصرفاتنا وسلوكياتنا وأفكارنا على ميزان المنهج، وذلك على طريقة المواصفات والمقاييس. لو كان الرسول بيننا هل كان سيفعل ما أفعله، أو يقرّني على فعله؟

محبة النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، مسألة تتوارثها النفوس وتتشارك فيها القلوب. هذه حقيقة تؤكدها الأيام وتبرهنها الأحداث في كل بقاع الأرض، وتزداد عجباً وربما إعجاباً لدى أعداء المنهج الذي جاء به. لكنّ كثيراً من معاني المحبة تاه في يوميات الكثير من المسلمين، فانفصل سلوك المحب عن منهج المحبوب، وطغى التعبير بالكلمات على الإثبات بالأفعال، وصارت الذكرى لدى الغالب منا موسمية تنتظر التذكير على جدول الإجازات، وأصبحنا نخالف من نحب بدعوى أننا مازلنا محبين، ونغضب إذا وجدنا إساءة من الغير تجاه النبي، ونبرر ونسوغ لإساءاتنا لما جاء به الحبيب.

في زمن الملمات والأزمات والفتن الجارفات، الذي نعيشه، نبدو بحاجة أكثر إلى إعادة صياغة لمفهوم محبة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على ميزان ما يحب وما يكره، بحاجة إلى احتفال دائم واحتفاء مستمر بمنهجه وقراءة سيرته، ليكون لنا مخلصاً من تخلفنا وباعثاً لمجدنا الذي فارقنا يوم فارقنا المنهج وحبسنا الذاكرة بين جدران الذكرى.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر