كل يوم

هل تشعر بالسعادة في الإمارات؟

سامي الريامي

عندما تفكر حكومة في سؤال مواطنيها والمقيمين فيها وحتى الزوار عن سعادتهم، فهذه في حد ذاتها جرأة ممزوجة بثقة، وجدية في العمل لرفاهية المجتمع، فهذا يعني أنها تسعى بشكل حقيقي للبحث عن مصدر سعادة الناس ومصدر إحباطهم وضيقهم في الوقت ذاته، وهذا يعني أن

الإمارات وضعت السعادة هدفاً حقيقياً قابلاً للقياس على الرغم من صعوبة ذلك، فالسعادة تبقى وجهات نظر، وما يجعلني سعيداً اليوم ربما لن يجعلني سعيداً بعد أيام عدة، وما أراه أنا سبباً في السعادة قد لا يراه غيري كذلك، هي مشاعر يصعب تعميمها أو قياسها، أو تطبيقها بحذافيرها على الجميع، هي ليست قوالب جامدة يمكن استيرادها وتوزيعها على الناس، من هُنا لم تجرؤ دول العالم على أن تقيس السعادة في مجتمعاتها، ولا يوجد إلى الآن معيار أو طريقة دولية معروفة لقياس السعادة، لم يحدث أن قامت دول كبيرة بهذه الخطوة، لم يحدث ذلك إلا في دولة واحدة صغيرة وغير معروفة هي بوتان، تلك المملكة الصغيرة جداً، التي لا يتجاوز عدد سكانها 800 ألف نسمة!

الإمارات قررت أن تدخل هذا التحدي، قررت أن تقيس سعادة المواطنين والمقيمين وحتى الزوار، قررت أن تُجري مسحاً وطنياً للسعادة والإيجابية، مسحاً يشمل تفاصيل دقيقة ويغطي أوجه الحياة كافة، مسحاً شاملاً وكاملاً وغير مسبوق، لم تفعله بوتان ولا غيرها من الدول، لأن نشر السعادة هنا نهج وغاية وهدف استراتيجي من أهداف الحكومة، وليس أمراً دعائياً أو كلمات تخديرية تحقنها الحكومة في الشعب!

المسح الوطني للسعادة والإيجابية سيشمل عينة مدروسة تُغطي كل فئات المجتمع الإماراتي بجميع مكوناته، الذكور والإناث، المواطنين والمقيمين، العرب والأجانب، الكبار والأطفال، وحتى فئة العمال سيكونون مشمولين بالاستبيان، فهم فئة ضخمة في المجتمع ونحتاج إلى أن نعرف عنهم كل شيء، ولم يكتفِ الاستبيان بذلك بل سيشمل حتى الزوار والسياح لدولة الإمارات.

هذا العمل الوطني الكبير سيبدأ الأسبوع المقبل، وبتعاون جهات إحصائية مختلفة في الدولة، وسيغطي جميع الإمارات، وسينتشر أكثر من 300 إحصائي ومختص لجمع معلومات من 14 ألف شخص هي العينة التي سيتكون منها الاستبيان، وهي بمعايير الإحصاء عينة كافية لجمع معلومات إحصائية شاملة تُعطي مؤشرات وأرقاماً دقيقة عن المعلومات المراد الوصول إليها.

الاستبيان يُغطي تفاصيل كثيرة ليجيب عن السؤال الكبير المهم، هل أنت سعيد في دولة الإمارات؟ هذا السؤال الذي يعتقد البعض أنه سهل، هو في الحقيقة صعب ومعقد، ومجرد وجود رغبة حكومية لمعرفة إجابة هذا السؤال يدفعنا إلى مزيد من الشعور بالسعادة، فنحن في دولة ترغب حكومتها في إزالة كل معوقات الإيجابية، لتحقيق أكبر قدر من السعادة لمواطنيها والمقيمين فيها، وهذا ما لا تفعله دول كثيرة.

المسح الوطني للسعادة والإيجابية لا يطلب مجاملات الناس، ولا يريد أيضاً المبالغة في التشاؤم، هو ينشد المعلومة الحقيقية، وتالياً فعلى الجميع أن يكونوا متعاونين أولاً مع الإحصائيين الذين سيزورون المنازل، وألا يبخلوا عليهم بساعتين من وقتهم لأجل مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم، وعليهم أن يكونوا صادقين أيضاً في أجوبتهم، ويعبروا بأريحية عن مصدر قلقهم وتوترهم، ومصدر سعادتهم دون مجاملة أو مبالغة، فالمعلومات التي سيجمعها الإحصاء ستكوّن قاعدة بيانات مهمة جداً ستترجمها الحكومة إلى قرارات ومبادرات لرفع مستوى السعادة وخفض مستوى القلق والتوتر في قلب كل من يعيش على أرض الدولة، وهذا هدف نبيل وصعب، ويحتاج إلى تعاون الجميع للوصول إليه، لذا فالاستبيان مسؤولية الجميع، وإنجاح هذه المبادرة لصالح الجميع.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر