5 دقائق

الصحة النفسية للأبناء

الدكتور علاء جراد

يهتم غالبية الآباء والأمهات بصحة أطفالهم البدنية من حيث مأكلهم ومشربهم وملبسهم، أي الاحتياجات المادية الملموسة، خصوصاً الظاهرة للآخرين، فبعض الأهالي يبالغ في إظهار مدى الاهتمام بأبنائه في صورة هدايا أعياد الميلاد، مثل موديل الهاتف المحمول الذي يحمله أبناؤهم، ولكن هل يهتم الأهل بالصحة النفسية والذهنية لأبنائهم بالقدر نفسه؟ وهل يراعون البعد النفسي؟ وهل يوجد بينهم وبين أبنائهم حوار بنّاء؟ هل توجد ثقة وصدقية بين الأهل والأبناء؟ وهل يلاحظ الأهل عن قرب مدى تطور أبنائهم والاتجاهات التي يتخذونها؟ ومن هم أصدقاؤهم؟ وإذا لم يقم الأهل بدورهم كما ينبغي، فما الدور الذي تقوم به المؤسسات التعليمية، وهل تبذل الجهد الكافي لتوفير جانب من الرعاية النفسية والذهنية لطلابها؟

ما الدور الذي تقوم به المؤسسات التعليمية، وهل تبذل الجهد الكافي لتوفير جانب من الرعاية النفسية والذهنية لطلابها؟

منذ أيام انتحر ثلاثة طلاب في السنة الأولى بإحدى الجامعات البريطانية، وقد فتح هذا الموضوع ملف الرعاية النفسية التي توفرها الجامعات، وبدأت الاستجوابات تنهال على الجامعات للإفصاح عن ميزانية الرعاية النفسية للطلاب، وبحكم قانون حرية المعلومات فقد أعلنت الجامعات عن تلك الميزانية التي راوحت بين خمسة جنيهات و48 جنيهاً إسترلينياً للطالب، وعلى الرغم من أن هذه الجامعة بالتحديد تعتبر واحدة من الجامعات التي تخصص ميزانية جيدة نسبياً (32 جنيهاً إسترلينياً للطالب)، إلا أن الرعاية النفسية لم تكن بالقدر الكافي.

إذا نظرنا إلى مؤسساتنا التعليمية بالوطن العربي، فهل يتم تخصيص ميزانية للرعاية الصحية والذهنية للطلاب، وهل هي كافية؟ وهل يتم عمل برامج مستدامة وفعالة للتأكد من دمج جميع الفئات في النظام التعليمي، خصوصاً في المرحلة الابتدائية التي تعتبر أهم مرحلة من مراحل التعليم، حيث تتشكل فيها شخصية الإنسان. هل يَطّلع الأهل على أساليب التربية الحديثة ويثقّفون أنفسهم حول كيفية التعامل مع فلذات أكبادهم؟ وهل يقضون وقتاً كافياً وبجودة عالية مع أبنائهم ويمنحونهم الاهتمام المعنوي الكافي الذي يحقق لهم الثقة بالنفس والإشباع العاطفي؟ هناك حالات انتحار ومحاولات انتحار في مجتمعنا العربي، ليس هذا فقط، بل هناك الكثير من حالات الانحراف والتطرف الديني لأقصى اليمين والأخلاقي لأقصى اليسار! أما عن تعاطي المخدرات والعقاقير فهي ليست بالبعيدة، والمتابع للأخبار سيجد بعض الإحصاءات المخيفة.

إن هذا المقال يطرح تساؤلات، ويدعو القارئ إلى أن يقف مع نفسه ويحاول الإجابة عنها، وفي الختام أعتقد أن المسؤولية مشتركة بين المؤسسات التعليمية ودور العبادة، وفي المقام الأول المنزل والأهل، فإذا قام كل ضلع في هذا المثلث بدوره وتكاملت الجهود فسوف يخرج جيل مهيّأ نفسياً واجتماعياً يسهم في خدمة ونهوض أمته.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر