كل يوم

«تحدي القراءة» لمنع كوارث الأفكار!

سامي الريامي

واحدة من أهم وأعظم المبادرات، التي انطلقت في المنطقة منذ عشرات السنين، فهي تغذي العقول وتهتم بها، وتنشر المعرفة على أوسع نطاقها في الوطن العربي بأكمله، في وقت أشد ما يحتاج فيه العرب إلى العلم والمعرفة، إنها مبادرة تحدي القراءة التي أطلقها ورعاها واهتم بها بشكل شخصي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.. ما حدث أمر مذهل، فهل يتخيل أحد أن هناك ملايين الطلبة في جميع الدول العربية، عكفوا على قراءة الكتب، في وقت لا يلتفت من هم في أعمارهم إلا إلى الألعاب الإلكترونية، والهواتف الذكية؟ إنها ليست صيغة مبالغة، بل هناك أرقام حقيقية مذهلة، أنتجتها هذه المبادرة العبقرية، فحصيلة الكتب التي قُرئت بلغت ١٥٠ مليون كتاب، في حين كان الهدف المراد الوصول له هو ٥٠ مليون كتاب!

والطلاب الذين شاركوا، وتسابقوا في القراءة، وصل عددهم إلى ٣٫٩٥ ملايين طالب، في حين كان الهدف هو إشراك مليون طالب، إنه ليس رقماً يسهل الوصول إليه، فالمسابقة ليست ترفيهاً ولا هي لعبة مسلية من ألعاب الجيل الجديد، إنها مسابقة قراءة، وجذب هذا الرقم الكبير من أجل القراءة هو أمر أشبه بمعجزة!

ليس هذا الأمر وحده أشبه بمعجزة، بل إن جمع العرب في هذا الزمن على أمر واحد، هو أكبر من معجزة، وهذه المبادرة المعرفية المميزة، جمعت العرب، وارتقت بأجيال، ونشرت العلم والثقافة، ووحّدت ٦٠ ألف مشرف، من ٥٤ جنسية، من ٣٠ ألف مدرسة في مختلف أنحاء الوطن الكبير، تم تدريبهم على نهج واحد، ومعايير واحدة، لاختيار الفائزين، أليس ذلك إنجازاً في حد ذاته؟!

القراءة هي ملاذ العرب الوحيد للنجاة من كوارث التشدد والتطرف، وهي الطريق لزرع قيم المحبة والتسامح والتعايش، ومن خلال القراءة واختيار الكتب المفيدة للجيل الحالي والمستقبلي، نستطيع خلق إنسان عربي متعلم مثقف راقٍ، يتعامل مع الآخر بمحبة وسلام.

إضافة إلى ذلك القراءة والمعرفة هما «طريقنا الأسرع لاستعادة الحضارة في منطقتنا العربية»، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي بدا سعيداً وهو يكرم أبناءه الطلبة الفائزين، وملامح التفاؤل تزين محياه، فلقد لمس فيهم الخير، وتفاءل بهم، كما وصفهم: «جيل مثقف منفتح متسامح قادر على نشر الأمل وبناء المستقبل».

لا يحتاج العرب أكثر من ذلك، ولا يحتاجون لمكافحة الفكر المتطرف والطائفية سوى لنشر العلم والمعرفة، وصدق صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عندما قال: «يحتاج العرب لشراء أدراج وكراسي الفصول الدراسية، أكثر من حاجتهم لشراء الأسلحة»!

الإمارات تسير في هذا الاتجاه، وقادتها يدركون هذه الحقيقة، لذلك فهي أكثر الدول العربية دعماً للعلم والمعرفة والقراءة، وشعبها أحد أكثر شعوب العالم تسامحاً وتعايشاً مع الآخر، والإمارات هي واحدة من أكثر دول العالم استيعاباً للثقافات والشعوب، لذلك فلا غرابة أبداً أن تكون مصدراً للمبادرات التعليمية المميزة، ولا غرابة أن تكون بلد الإنسانية والثقافة والسياحة.

تحدي القراءة كان بمثابة تحدٍّ لكل ظروف القهر والحصار والجهل.. فوز طفل الصف الأول درس لنا جميعاً.. وفوز مدرسة من فلسطين درس آخر نتعلمه.

شكراً للإمارات، وشكراً لصاحب التحدي أمل الأمة.

مبارك لكل من قبل التحدي..

هو حدث سنقف عنده كثيراً، ونستلهم منه الأمل كثيراً.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر