عودهم طري!

كل منا مسك رأسه وكتم غضبه بعد خروج منتخبي الناشئين والشباب وعدم تأهلهما لكأس العالم، وهو غضب مخلوط بشك وينتابه الكثير من الخوف، لكن لحظة! من هو المتسبب؟ وهل نحتاج فعلاً للوصول إلى كأس العالم؟

في كأس العالم الأخيرة تخلف عن البطولة اليابان وكوريا وأستراليا من آسيا، وايطاليا وهولندا وانجلترا وأكبر بلدين مصدرين للمواهب الشابة في العالم فرنسا وإسبانيا، فسئل رئيس الاتحاد الفرنسي عن ذلك، فقال: لا يهم أن نصل أم لا، المهم أن نصنع جيلاً يتعلم كيف يمارس كرة القدم وهو بالغ، منتخب الشباب عليه أن يتعلم فقط لا غير!

في الخليج لدينا ثقافة بشكل عام أن وصول المنتخبات الى كأس العالم إنجاز، وهو في نظري يعتبر خطوة للاحتكاك لا أكثر، فالإنجاز أن تصنع جيلاً يخدم المنتخب الأول ويجعله قوياً ويصل الى كأس العالم الحقيقية وليس للفئات السنية، فربما التأهل السهل وعن طريق منتخبات متوسطة في آسيا يجعلنا نشعر بأننا نمضي في الطريق الصحيح، وهذا ما كان سيحصل لو تأهلنا، ليس لأننا لا نملك لاعبين موهوبين وجيدين، لكن ما وضعناه لتطوير هذا الجيل كان مجرد تسيير للواقع لا أكثر!

الدول العظمى في كرة القدم لديها منظور مختلف في هذا الجانب، ترى أن التتابع وممارسة منتخبات الشباب والدخول في المنافسات بشكل دائم هو المهم.

والأهم من ذلك هو استكشاف المدرب لمجموعته بناء على تحليلات لمؤشرات أدائهم، والعمل على نواقصها، وتطويرها أهم من الوصول الشرفي، وهذا لم يكن موجوداً في منتخباتنا السنية، التي مر على أحدها قرابة عام ولم يجتمع لتباعد فترات البطولات.

ولا أخفيكم بأن أحدهم طلب من الأندية أن ترشح لها لاعبين ليمثلوا المنتخب، وكأننا في معسكر للكشافة والمتطوعين وليس في كرة القدم!

خلاصة القول، نحن الآن أمام ضريبة التحول من اتحاد لاتحاد آخر، والفشل فتح أمام الاتحاد الجديد الطريق ليضع خارطة الطريق الصحيحة، ويجب عليه بناء جيل يعمل على نهج ومنظومة واضحة وبتحليل علمي مدروس، يديرها ناس أكفاء لديهم الخبرة والدراية بالتعامل مع صناعة اللاعبين، وبعد ذلك سيتأهل لكأس العالم تلقائياً.

كلمة أخيرة:

بما أن الرئيس الجديد كان ملفه الانتخابي بعنوان «التطوير»، فأنا أرى أن الكلمة الثانية يجب أن تكون الاستثمار، فبعد تطوير منظومة كرة القدم بشكل عام، يجب الاستثمار في اللاعبين، فالاستثمار الحقيقي في كرة القدم هو أن يكون لديك لاعبون متكاملون كروياً، وليس لاعبين تأهلوا إلى كأس العالم و«عودهم طري»!

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .