5 دقائق

استشراف المستقبل

الدكتور علاء جراد

لدى بعض الأشخاص رؤية تمكنهم من القدرة على التنبؤ بما قد تحمله السنين من تغيرات وتحديات، ولذلك فإن هؤلاء الأشخاص هم دائماً الرابحون وهم الأكثر قدرة على التكيف مع التغيرات المستقبلية، إذ إنها لا تكون مفاجئة بالنسبة إليهم. وقد أصبح موضوع التنبؤ بالمستقبل في غاية الأهمية ليس للأفراد فقط بل للمؤسسات والحكومات أيضاً، فما هو استشراف المستقبل؟ لماذا وكيف يتم؟ وما فوائده؟ يمكن تعريف استشراف المستقبل بأنه «عملية تبني المنهجيات والأساليب العلمية لمحاولة فهم التطورات التي ستحدث في المستقبل، وتقليل نسبة الغموض وعدم اليقين بغرض الاستعداد والتخطيط لتلك التطورات لمدة تزيد على عشرين عاماً».

تحوّل استشراف المستقبل من مجرد مصطلح يتم ترديده إلى ضرورة قصوى ومطلب مُلحّ.

ويعد «هيرمان كاهان» هو الأب الروحي لهذا الفرع من العلوم، وقد وضع الإطار النظري له منذ الأربعينات، وارتبط عمله بالمجال العسكري ثم التحق بمؤسسة RAND، المؤسسة الأولى في العالم في مجال البحث العلمي وطرق استشراف المستقبل، وتوجد طرق عدة يمكن استخدامها لاستكشاف ما يخبئه المستقبل، وتالياً القدرة على وضع حلول وسن سياسات وتشريعات تتماشى مع المستقبل، ومن الطرق التي ثبت فاعليتها في استشراف المستقبل، طريقتان هما: تخطيط السيناريوهات البديلة أو Scenario Planning وطريقة «دلفي» Delphi، وقد اشتهر «أري دي جيوس»، أحد رواد التعلم المؤسسي باستخدم أسلوب السيناريوهات البديلة بكثرة في شركة «شل» للبترول، كما يشيع استخدام طريقة «دلفي» في مختلف دول العالم التي قطعت شوطاً كبيراً في التخطيط المستقبلي، ولا يخلو برنامج تدريبي في هذا المجال من شرح طريقة «دلفي»، كما يعد الاعتماد على الباحثين والخبراء اعتماداً مباشراً إحدى طرق الاستشراف، وقد بدأت فئة من العلماء والمنظرين في الظهور تحت اسم «مستقبليون».

لقد تحوّل استشراف المستقبل من مجرد مصطلح يتم ترديده إلى ضرورة قصوى ومطلب مُلحّ للمؤسسات والدول التي تعاني تحديات تنموية واستراتيجية، كما أن هناك الكثير من الفوائد لاستشراف المستقبل، منها المساهمة الفاعلة في وضع الحلول للمستقبل بكلفة اليوم والتي هي أقل كلفة. والفائدة الثانية هي سرعة الاستجابة، حيث لا تحتاج المؤسسات والدول إلى الكثير من الوقت لاتخاذ القرارات الملائمة والتصرف على نحو فعّال، حيث يختفي عنصر المفاجأة نتيجة التخطيط المسبق، بالإضافة إلى جودة ودقة القرارات التي يتم اتخاذها، كما يساعد على الإبداع والابتكار بأقل كلفة والاستفادة من المعطيات المتاحة. وعلى الرغم من قلة المصادر والبرامج التدريبية الجادة في هذا المجال، خصوصاً باللغة العربية، فإن هناك برامج مجانية عدة تقدمها مؤسسة EDX، التي أسستها جامعة هارفارد بالاشتراك مع معهد MIT.. وللحديث بقية بإذن الله.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر