5 دقائق

قمة الاقتصاد الإسلامي الثالثة

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

تبوأت دبي مكانتها الريادية في الاقتصاد الإسلامي كعاصمة دائمة له، لما لديها من مقومات عظيمة استحقت بها أن تكون كذلك، من بِنية تحتيّة عظيمة للاقتصاد، وملاءة كبيرة في المال، وتشريعات نافعة للصناعة، وبرامج حديثة، ومنتجات متعددة.. وكل ذلك يجعل تحقيق النمو لصناعة الاقتصاد الإسلامي أقرب منالاً، وأكثر انتشاراً، وأوثق اعتماداً.

• بلغ حجم المصرفية الإسلامية فقط نحو تريليوني دولار أميركي فضلاً عن تجارة الحلال وغيره.

وقد طالعتنا القمة الثالثة للاقتصاد الإسلامي بتوسع ملحوظ، وتطور كبير في مفهوم الاقتصاد الإسلامي، ليس فقط من خلال محاوره التي كانت بها المبادرة عند طرحها عام 2013م، وهي المصرفية الإسلامية والتشريعات المتطورة والصكوك الإسلامية ومنتجات الحلال والأوقاف والأزياء والسياحة والإعلام والاقتصاد الرقمي.. والتي ضربت الإمارات في كل محور منها بسهم وافر، لاسيما في الصكوك الإسلامية حيث أصبحت دبي من أكبر أسواق المال في تداول الصكوك الإسلامية، وكذلك منتجات الحلال التي تزخر بها دبي استيراداً وتصديراً واعتماداً، مع كل ذلك فإن التوسع في مفهوم الاقتصاد الإسلامي لإيجاد مبتكرات ومنتجات أصبح علامة بارزة في هذه القمة التي احتشد فيها الكثير من الفاعلين في هذا المجال الحيوي من أكثر الدول الإسلامية وأوروبا وأميركا.

ولقد بلغ حجم المصرفية الإسلامية فقط نحو تريليوني دولار أميركي، فضلاً عن تجارة الحلال وغيره، وأصبح هذا الاقتصاد محل اهتمام العالم كله بجميع قاراته، ما يحتم على دبي التي انطلقت منها المصرفية الإسلامية أن تكون رائدة في منتجاتها كما هي رائدة في حضارتها وتشريعاتها وأمنها وعدالتها، وبالفعل فقد كان للإمارات التقدم والريادة حيث جاءت في المرتبة الثانية عالمياً بعد ماليزيا في مؤشر الاقتصاد الإسلامي، كما أنها جاءت في الصدارة عالمياً في مؤشرات عدة، منها قطاع الأغذية، والمشروبات الحلال، والسياحة الحلال، وقطاع الأزياء المحافظة، وقطاع الإعلام والترفيه الحلال، وتصدرت الإمارات قائمة دول العالم الأكثر تقدماً في إنتاج المستحضرات الدوائية ومستحضرات التجميل الحلال، كما أفاد به تقرير «واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي والمؤشر العالمي للاقتصاد الإسلامي للعام 2016-2017».

وإذا كانت دبي قد أخذت على عاتقها الاهتمام بالاقتصاد الإسلامي لتطويره وتصديره ونفع الناس به، فإن ذلك يحتم عليها أن تقدم المبادرات التي تجعله اقتصاداً عالمياً يحرص عليه المسلمون وغيرهم؛ لما فيه من تطوير للصناعة والحضارة، وحماية للاقتصاد، ونفع للبشرية، وهو ما عنيت به هذه القمة الكبيرة النافعة، التي كانت بمثابة ورشة عمل لتقديم الرؤى والمبتكرات النافعة من ذوي الخبرة في الصناعة والتجارة ونحوها، فإذا تطورت تلك الرؤى إلى واقع عملي فإن الاقتصاد الإسلامي سينتقل من تصوره المصرفي إلى الشمولية في كل ما تحتاجه البشرية، وفق تصور الفقه الإسلامي المرن الذي يتسع لمجالات الحياة. وإن الطرح العلمي الذي كان في هذه القمة في العمل الخيري المنظم، والمنظمة العالمية للأوقاف، والتوسع في منتجات الحلال صناعةً وتسويقاً، لهو من أبرز عوامل نجاح الاقتصاد الإسلامي، فقد كان طرحاً تنظيرياً سيبنى عليه العمل الجاد لتطوير الاقتصاد الإسلامي في مجالات مختلفة ألوانها، حتى يأخذ أبعاداً كثيرة وآفاقاً جديدة تجعل منه ركيزة أساسية في سد حاجات الأمم، ونهضتها التجارية والزراعية والصناعية.

ولكن يتعين قبل كل ذلك صدور التشريعات الضابطة التي تجعله اقتصاداً إسلامياً حقيقياً، فإن المليار و700 مليون مسلم سيرون في إصدار دبي لهذه المبادرات والمنتجات وثاقة يعتمدون عليها في شرعهم، ولابد أن تكون دبي محل الوثاقة بتشريعاتها وتدقيقها وسلامة منتجاتها كسلامة مرئياتها وخططها القريبة والبعيدة، فقد اعتاد العالم على دبي أنها ذات الرقم الأول في كل شيء.

وفق الله الجميع لما يحقق النفع ويكسب الأجر.

* «كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر