كل يوم

منار بأي ذنبٍ قتلها الإرهابيون؟!

سامي الريامي

«منار» طفلة يمنية صغيرة، اعتادت الذهاب مع والدها لتناول وجبة الإفطار منذ بداية رمضان، في أحد مشروعات إفطار صائم الخيرية في مدينة المكلا، وفي العشر الأواخر فخّخ عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي «كرتونة إفطار»، لتنفجر في وجه صائمٍ أراد الإفطار، وأُزهقت روح «منار»، وتناثر جسدها الصغير إلى أشلاء، وقُتل عشرات الأبرياء غيرها، وأصيب والد منار وعشرات آخرون، فبأي ذنبٍ قُتلت منار، وقُتل هؤلاء الصائمون العُزّل؟!

هذه العملية الجبانة، تلتها عملية «انتحارية» أخرى، فجّر فيها عُنصر من «القاعدة» نفسه وقت الإفطار بين مجموعة من الصائمين، أصروا عليه بحسن نيّة ليفطر معهم، لما رأوه مقبلاً، فما كان منه إلا أن جلس بينهم وفجّر الحزام الناسف الذي كان يرتديه، فهل يُعقل أن تكون هذه الأعمال الجبانة هي الطريق إلى الجنة؟ وهل هذا هو الجهاد؟ وهل «الحور العين» سيكونن في انتظار ذلك «المعتوه» الذي فجر نفسه، وقتل أبرياء «مسلمين» وهم صائمون؟!

هذان مثالان يثبتان أن هذا الفكر الشاذ لا يمكن أن يكون جزءاً من رسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن أن يكون جزءاً من الدين الإسلامي الحنيف، هؤلاء لا علاقة لهم بالإسلام، وليتأكد من هذا كل من لايزال يمتلك ذرة شك في ذلك، هُم مجرد عصابات إجرامية تلهث وراء المال، ومجموعة من المرضى النفسيين الحالمين بالوهم!

المكلا مثال صريح وواضح لإجرام «القاعدة» والإرهابيين، فهم طوال فترة سيطرتهم على المدينة لم يسعوا إلا لجمع المال، حيث صادروا ثروات المدينة من حركة الملاحة في الميناء، ومن بيع النفط، ونهبوا كل الأموال، وكل ما يتم جمعه لا يصرف إلا في جمع السلاح وأدوات التفجير الكفيلة بتدمير المدينة بأسرها في لحظات، بل إن ما جمعوه كفيل بمسح مدن عديدة، وتهديد دول كثيرة، بل تهديد العالم بأسره، فتسريب هذه المواد كفيل بقتل الإنسان أينما كان، ومهما بعدت المسافة عن المكلا، فهم تخصصوا في حرفة إرسال الموت إلى أي مكان يريدون بشكل عابر للحدود!

طوال عام كامل، وعناصر «القاعدة» يتحصنون في المكلا، يزرعون الألغام، وينثرون العوائق على مداخل المدينة ومخارجها، بسطوا سيطرتهم التامة على كل مفاصل الحياة فيها، تحكموا في أرزاق البشر، منعوهم من ممارسة حرفة الصيد التي يجيدونها ويترزقون منها، زرعوا الألغام على طول الساحل، وبواقع لغم في كل أمتار عدة بسيطة، خوفاً من تعرضهم لإنزال بحري، ملؤوا الطرق الضيقة في مداخل المدينة بالمواد سريعة الاشتعال، ووضعوا شاحنات مملوءة بالوقود والمتفجرات في مناطق مهمة كفيلة بحصد مئات الأرواح في ثوانٍ قليلة، لم يفكروا يوماً في الحياة، لم يعمّروا منطقة، ولم يعيدوا بناء منزل، لم يهتموا بفتح المدارس، ولا المستشفيات، لم يهتموا بالسكان وعاملوهم بأقسى أنواع المعاملة، لم يزرعوا، ولم ينتجوا، ولم يعملوا، بل سرقوا ونهبوا وأفسدوا، وظلموا، وكل ذلك باسم الدين، وتحت شعار الجهاد والخلافة والدولة الإسلامية!

الدولة الإسلامية التي تقتل أطفالاً مسلمين، وتحصد أرواح أبرياء، وتجبر الناس على الالتحاق بها عنوة! ما أسخف تلك الأوراق التي وجدها فرسان الإمارات بعد تحرير المدينة، طلبات الالتحاق بالدولة الإسلامية، وفيها مجموعة وظائف مطلوبة، أولها «استشهادي»، أو إعلامي أو خبير متفجرات، أو «انغماسي»!

هذا كل ما يحتاج إليه الإرهابيون، انتحاريون مسلوبو العقول، وخبراء متفجرات، أو إعلاميون يجيدون فن الكذب في مختلف الوسائل لاصطياد الضحايا، أو انغماسيون في التنظيم يفعلون ما يؤمرون به دون تفكير، ولا مجال أبداً لأي وظيفة تصنع الحياة، لأنهم أساساً صناع موت يكرهون الحياة!

قوات الإمارات، أنهت هذه الدولة الهشة في 20 ساعة، لم تنفعهم حصونهم، ولا متفجراتهم، انهاروا وهربوا في ساعات، لأنهم مجرد مجرمين اعتادوا حياة الظلام والهروب، وقوات الإمارات الآن تعيد الحياة إلى أناس كادوا ينسون معنى الحياة الكريمة في ظل وجود إرهابيين معتوهين.

الآن المكلا اليمنية تتنفس الحرية بكل حرية في ظل وجود رجال آمنوا بنبل مهمتهم، وأدركوا أن هناك من خطف الدين الإسلامي، وأساء إليه، وهم اليوم يعيدون هيبة ورهبة ورقي هذا الدين.

قوات الإمارات أطلقت اسم «منار» على جسر حيوي في المكلا، تخليداً لذكرى تلك الطفلة الصغيرة التي أزهق تنظيم القاعدة روحها، وهي تستعد لتناول إفطار رمضان، «جسر منار» هو علامة ستظل لجميع الأجيال اليمنية المقبلة، لتتأكد أن الإرهاب لا دين له!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر