5 دقائق

«نعم.. هذا هو»!

عبدالله القمزي

«نعم.. هذا هو» كلمات تُقال عندما يتوصل الشخص إلى النتيجة المرجوة أو المرغوبة كما يتخيلها هذا الشخص خلال عملية معينة. العمل الإبداعي يتطلب عملية عصف ذهني مكثفة متبوعة بتطبيق عملي لتجسيد الفكرة إلى أن تصل إلى مرحلة الاكتمال.

نحن في دولة الإمارات نعيش عصر الابتكار والإبداع.

في شركات الدعاية والإعلان عندما يجتمع العميل مع موظفي الشركة المتخصصين في صنع وتصميم الإعلانات، يعرض موظفو الشركة مجموعة أفكار أمام العميل الذي إذا لم تعجبه الأفكار، فإنه يقول: ليس هذا الذي في بالي بالضبط.

هذه الكلمات تعني أن هذا العميل لديه فكرة معينة يراها في عقله أو يتخيلها لكنها قد لا تكون مكتملة، وهو بحاجة إلى براعة هؤلاء كي يساعدوه في تطويرها وإخراجها، وغالباً فإن هذا النوع من الأفكار هو الأنجح دائماً.

الشهر الماضي تولدت في ذهني فكرة عمل إنفوغراف عن قصة جوكر باتمان، كانت عملية البحث عن المعلومات مرهقة جداً، ثم بدأت العملية الفنية على الكمبيوتر مع الزميل الفني، والتي استغرقت أسبوعاً لكن لم أكن مقتنعاً بالشكل النهائي بسبب عدم تمكننا من العثور على درجة لون للعمل تتناسب مع لون الشخصية.

في اليوم الأخير كنا نضيف اللمسات الأخيرة ولم أكن راضياً بشكل كامل عن العمل بسبب عدم اقتناعي باللون. ذهبت إلى مكتبي لإجراء عملية بحث عن اللون المناسب ووجدت شيئاً قريباً، فعدت وأخبرت الزميل عنه، بدأنا في عملية تجريب كل الألوان ولم أكن مقتنعاً لكن ذلك كان اللون الأقرب.

فجأة وأثناء انهماك الزميل في عملية خلط ألوان وتجريبها على التصميم رأيت اللون الذي تخيلته في بالي بالضبط، فهتفت: «نعم.. هذا هو»! احتار هو قليلاً لكنه فهم فوراً اللون الذي أردته، وهو في الحقيقة لونان ممزوجان، فاعتمدته فوراً وأنا مرتاح نفسياً للمرة الأولى خلال ذلك الأسبوع.

بعد نشر الأنفوغراف وصلتني ملاحظات إيجابية كثيرة وكلها أشادت باللون أكثر من فكرة العمل، هو لم يكن لوني ولا اخترعته، إنما هو نتيجة عملية اجتهاد مشتركة بيني وبين الزميل الكريم.

استمروا في أي عملية حتى اكتمالها ولا ترضوا أبداً بأنصاف نتائج، فتلك تسمى ثقافة «شغل أي كلام» لا تسمحوا لها أبداً بالتسلل إلى أعمالكم، ليس ضرورياً أن تقولوا «نعم.. هذا هو»، لكن مجرد ارتياحكم النفسي تجاه أي عمل تنجزونه هو ترجمة لتلك الكلمات.

«نعم.. هذا هو» يعتبر أسلوب وثقافة عمل، ونحن في دولة الإمارات نعيش عصر الابتكار والإبداع، وهذه دعوة من خلال هذا المقال لكل موظف وموظفة مهتم بتقديم عمل عالي الجودة ألا يقدمه إلا وهو متأكد أن كلمة «نعم.. هذا هو» تنطبق عليه.

مسك الختام: في عام 1963 كان المخرج الأميركي بليك إدواردز يشعر بأن فيلمه الشهير «بينك بانثر» ليس مكتملاً، وكانت الفكرة أن يضيف إليه مقدمة أنيميشن. فكلف فريق الإبداع لديه بتقديم أفكار لشكل شخصية نمر، وبعد اطلاعه على أكثر من 100 رسمة، توقف عند واحدة منها بريشة الرسام هاولي برات وهتف: «نعم.. هذا هو»!! وكانت النتيجة أن تلك المقدمة نجحت واشتهرت أكثر من الفيلم نفسه.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر