5 دقائق

إنسان بدائي في القرن 21

عبدالله القمزي

بالنسبة لي هناك عاملان إذا لم يتوافرا في بلد فإني أتجنب زيارته بغرض السياحة، الأول هو الأمان والاستقرار، والثاني إجادة اللغة الإنجليزية وأخلاق الناس، ولو توافر أحدهما دون الآخر فإني أتجنب البلد. خلال الشهور الماضية هذا العام زرت بلدين أوروبيين، الأول النرويج، والثاني يقع جهة الغرب يشتهر بمنتجات الأناقة والموضة التي تعشقها السيدات بشكل خاص، ويعتبر من أكثر الدول المتقدمة في العالم.

أولاً: النرويج

مدن وقرى: أوسلو - بيرغن - فلام.

المدة: 8 أيام.

مواقف «اللغة»: الجميع يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة في النرويج من منظفي الشوارع وعاملي السوبرماركت إلى أعلى طبقة في المجتمع، والشخص الوحيد الذي لم يتحدث الإنجليزية كان سائحة إيطالية سألتها عن مكان مطعم.

مواقف «الأخلاق»: الشعب النرويجي من ألطف الشعوب التي تعاملت معها، ويتمتع بدماثة خلق وودود جداً وفي خدمة السائح لو احتاج إلى مساعدة.

مواقف «مواصلات»: سائقو الأجرة لطيفون للغاية، وفي محطات القطار والمطارات لم أواجه أي مشكلة سوى موقف واحد كان على الأرجح غير مقصود، ولم أتعرض له وحدي.

مواقف «مطاعم»: وجدنا اهتماماً وترحيباً في كل المطاعم، والمطعم الوحيد الذي لم تتوافر فيه قائمة طعام بالإنجليزية، تطوّع نادل بالترجمة والإجابة عن كل أسئلتنا بابتسامة بشوشة وجميلة.

ثانياً: البلد الآخر

مدن وقرى: ثالث أكبر مدينة - قرية مجاورة.

المدة: 8 أيام.

موقف: كنت في حديقة حيوانات أبحث عن مطعم، ولم أجده لأني لم أقابل آدمياً واحداً يتحدث الإنجليزية.

كانت تلك آخر مرة أتذكر فيها جيداً أننا استخدمنا لغة الإشارة في التفاهم مع الناس.

موقف: أردت الخروج من الحديقة والعودة إلى الفندق، فاتصلت بخدمة سيارات الأجرة، وعندما سألت المرأة إن كانت تتحدث الإنجليزية، أغلقت الخط في وجهي، فعدت مشياً على الأقدام!

موقف: في مطعم طلبت من النادلة أن تشرح لي مكونات الطعام، فرفضت وقالت كل شيء مذكور في القائمة!

موقف: في أحد المطاعم طلبت نادلاً يتحدث الإنجليزية، فجاءني نادل يتحدثها بلهجة أميركية، فطلبت منه وجبة من دون لحم خنزير، فأحضرها لي بلحم الخنزير!

نتيجة لذلك اضطررنا لتناول الطعام في الفندق أو الذهاب إلى مطعم بيتزا قريب، لأن نادلة هناك تتحدث الإنجليزية.

موقف: نفد مني حليب الأطفال الخاص بابني، فذهبت إلى كل محال السوبرماركت المجاورة للفندق، فلم أتمكن من العثور على آدمي يفهم ما أقوله، فاضطررت إلى التحول إلى إنسان بدائي في القرن 21 والتحدث بلغة الإشارة، لكن دون جدوى!

عندها أرسلت رسالة استغاثة عبر «الواتساب» إلى زميلة لي تتحدث لغة ذلك البلد، وطلبت منها أن تترجم ما أقوله إلى لغتهم!

وأنا في طريق عودتي إلى الفندق رأيت إعلانات سياحية لبعض معالم تلك المدينة، فاحترت في أمرهم، كيف يريدون سياحاً وهم لا يتحدثون الإنجليزية، أو ربما يجيدونها ويرفضون التحدث بها! فقررت أن أرد عليهم بقطع رحلتي.. أقصد معاناتي والعودة إلى الوطن.

مسك الختام: كنت في تشيكوسلوفاكيا صيف عام 1988 مع عائلتي، وكانت تلك آخر مرة أتذكر فيها جيداً أننا استخدمنا لغة الإشارة في التفاهم مع الناس، عدت إليها بعد 24 عاماً (2012)، فوجدتهم جميعاً يتحدثون الإنجليزية ما يعكس اهتمامهم بالسياحة في القرن 21.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر