5 دقائق

«بروجكت»!

الدكتور علاء جراد

يعود آلاف الطلاب إلى مدارسهم هذا الأسبوع، وتبدأ رحلة جديدة في حياتهم وحياة ذويهم، ولاشك أن الحياة المدرسية فرصة كبيرة للطلاب، ليس للتحصيل الأكاديمي فقط، بل لاكتساب مهارات وسلوكيات كثيرة، من ضمنها البحث وتبنّي مسؤولية التعلم الذاتي، أي أن يصبح الطالب مسؤولاً عن تعلّمه واستكشاف مصادر التعلم وطرق الحصول على المعلومات، مع القيام بتنفيذ المشروعات العملية والأنشطة اللاصفية، وفي سبيل ذلك يكلّف المعلمون الطلاب بعمل مشروعات معينة أو كما نستخدم الكلمة الإنجليزية «بروجكت».

• «فبركة البروجكتات» لا تقتصر على طلاب المدارس فقط، بل تمتد إلى بعض طلاب الجامعات، ومنهم من يدرس الماجستير، بل حتى الدكتوراه.

ما يحدث هنا هو أن غالبية المعلمين يكلفون الطلاب بهذه المشروعات من دون وضوح أو تبنّي أسلوب علمي، بحيث يطلب تنفيذ عمل أو رسم لوحة ما دون إيضاح أي هدف تعليمي سيتم تحقيقه من خلال هذا المشروع، ودون إيضاح المزيد من التفاصيل اللازمة، وبالتالي يذهب الطالب إلى أهله لتنفيذ العمل، وغالباً يكون المشروع مطلوباً في اليوم التالي أو على أحسن تقدير خلال يومين، ونظراً لانشغال الأهل فيتم تحويل المهمة إلى المكتبات أو «دكاكين البروجكتات» التي تستطيع «فبركة» أي مشروع في أي فترة زمنية، وكل «بروجكت» له ثمنه. ويتم تسليم «البروجكت»، فلا الطالب تعلّم شيئاً ولا المعلم حقق الهدف التعليمي.

من وجهة نظري أن هناك جوانب أخلاقية ومالية هنا، فهذه السلوكيات تعلّم الطالب الغش، حيث إن هذا المشروع يُنسب إليه، في حين أنه لم ينفذه ولا يفقه شيئاً عنه، ليس هذا فقط، بل إنه يرى أهله يساعدونه على هذا الغش، فيتعلم أيضاً التواكل وعدم الاعتماد على النفس، ناهيك عن عدم اكتساب المهارات المفترض اكتسابها، إضافة إلى ذلك فالموضوع يشكل عبئاً مالياً مرهقاً على ميزانية الأسرة، هذا بالنسبة لـ«البروجكت»، ناهيك عن الطلبات الأخرى التي لا تنتهي، مثل أزياء معينة أو أغراض للصف أو للمدرسة في مناسبات مختلفة. الجدير بالذكر أن مشكلة «فبركة البروجكتات» لا تقتصر على طلاب المدارس فقط، بل تمتد إلى بعض طلاب الجامعات، ومنهم من يدرس الماجستير، بل حتى الدكتوراه، وهناك العديد من المكاتب التي لا تخجل من ترويج خدماتها، بل تعلن عنها في الصحف وعلى شبكات التواصل الاجتماعي.

أتمنى أن تراجع المدارس سياساتها في ما يتعلق بنزاهة وجدية المشروعات والمهام التي يكلف بها الطلاب، وتوعية المعلمين بأهمية ذلك، كما أتمنى من الأهل عدم قبول ما تقوم به المدارس وتصعيد ذلك للجهات المختصة، وكذلك عدم التعامل مع تلك «الدكاكين» التي تقوم بـ«فبركة» ما يجب أن يقوم به الطلاب بأنفسهم، ولابد من توعية الطلاب بأهمية الاعتماد على النفس وتبنّي مسؤولية التعلّم.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر