5 دقائق

كيف تفكك العالم العربي

عبدالله القمزي

كيف تفكك العالم العربي، عنوان تحقيق استقصائي من خمسة أجزاء، نشرته مجلة «نيويورك تايمز»، وترجمته صحيفتنا هذه.

العنوان رغم كونه مباشراً، فإنه يختزل تاريخاً معاصراً مملوءاً بالمآسي والآلام. فلم يتفكك العالم العربي منذ لحظة سقوط بغداد، كما يشير التحقيق، بل تفكك قبل ذلك بوقت طويل.

1986 - 1988: كنت في مرحلة الدراسة الابتدائية، وكان معلمونا في ذلك الوقت يخبروننا عن تفكك العالم العربي إلى 22 دولة، نتيجة اتفاق «سايكس بيكو»، وزرع إسرائيل في قلب العالم العربي، جراء وعد بلفور 1917.

1990: نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين يغزو دولة الكويت الشقيقة، ما تسبب في فوضى وانقسام حاد في صفوف الدول العربية. في ذلك الوقت تفشت نظرية المؤامرة مثل النار في الهشيم، وتبادل الجميع الاتهامات، كأن حالة التفكك الموجودة منذ 70 عاماً لا تكفي الدول العربية.

• تسبب الغزو الأميركي للعراق في إحداث انقسام على مستوى العالم.

1998 - 2000: كنت طالباً في الكلية، وكان العالم العربي في حالة استقرار بوضعية التفكك السابقة، كان أبرز الأحداث وقتها وفاة بعض الحكام العرب، ما تسبب في إثارة شائعات بأن شيئاً ما قد يحدث.

2001: هجمات سبتمبر الإرهابية تحصد أرواح 2996 شخصاً في نيويورك، وتقسم العالم حسب رؤية الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن إلى فريق معه أو ضده، وتدشن حقبة تاريخية وسياسية جديدة، سميت ما بعد 11 سبتمبر.

2002 - 2004: كنت في بداية حياتي الوظيفية في غرفة الأخبار، وكان الغزو الأميركي للعراق هو الحدث العالمي الأبرز، الذي اكتسبت مهاراتي في الكتابة والتحرير من خلاله.

تسبب الغزو الأميركي للعراق في إحداث انقسام على مستوى العالم، وكانت صورة الجندي الأميركي، الذي أنزل تمثال صدام متصدرة نشرات الأخبار والعلامة الأبرز على سقوط بغداد، وهو السقوط الذي شاهدته مع زميل لي في غرفة الأخبار، والسكون يخيم علينا قبل أن يجهش بالبكاء في منظر لن أنساه طيلة حياتي. بكاؤه كان على سقوط وضياع دولة عربية.

في ذلك الوقت، اشتعل رأسي شيباً، وأنا أعد تقارير إخبارية عن مقاطع فيديو بشعة لجماعات متشددة تقطع رؤوساً، وقصف على أماكن عشوائية، وجنود يعترفون بأن لديهم أوامر إطلاق نار دون تمييز، وفضائح متعلقة بالحرب، كان أبرزها فضيحة سجن أبوغريب، إلى أن جاءني الفرج، وتم انتشالي ونقلي إلى «جنة» الأخبار المحلية، التي مكثت فيها سبعة أعوام.

2011- اليوم: لاتزال ويلات الحروب تكوي عالمنا العربي في مناطق عدة، وهو غارق في حالة تفكك وذل وهوانٍ لم يعرفها في تاريخه، التفكك يزداد، والأجيال مشتتة بين تفكك الأمس وانكسار اليوم، والوضع يزداد سوءاً.

آخر الكلام: لو سألني ابني يوماً ماذا حدث في العالم العربي؟ فلا أملك إجابة له، لأني حائر. فتحت عيني على الدنيا ورأيته مفككاً، وبعد 30 عاماً شهدت خلالها العالم العربي يتفتت أمامي. ويبقى السؤال محيراً: لا أقوى على كتابته من شدة الألم، ستجدونه في عنوان هذا المقال.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر